مع بدايات ما يشهده الوطن العربي كان موران- آخر فلاسفة القرن العشرين الأحياء- في المغرب, وقال في حوار أجري معه حول دور المثقف المعاصر في سياق إعلام يسعى لتوحيد معايير الفكر:
«يجب الصراع ضدّ هذا التوحيد لمعايير الفكر، وأعتقد أن واحدة من مهام المثقف، أن يتوجه إلى الرأي العام، فهو وكما يقول نيتشه يتوجّه إلى الجميع لا أحد، ليعالج مشكلات تبدو جوهرية وشاملة ومرتبطة بالمصير الإنساني وبالسياسة والعدالة والقانون للدفاع عن النزاهة»
موران كان واضحاً في مجال تعريفه للثورة ومصرّاً على تفادي الغموض المرتبط بكلمة ثورة, فانتقد الثورة بمفهومها الشامل, والتي تقوم بمسحٍ كامل للماضي، وتخلق عالماً جديداً وتستعمل وسائل عنيفة ودامية. ولم يخفِ شكوكه حول ما جرى في تونس فاعتقد أنه قابل للانقلاب، والانحراف عن مجراه ويمكن خنقه أو نسيانه، لكنه بريقُ نورٍ ودرسٌ أيضاً!... لماذا؟
يجيب موران: لأن كثيرين في أوروبا يعتقدون ألاّ بدائل في العالم العربي عن «نظام ديكتاتوري وبوليسي عسكري أو نظام ثيوقراطي ديني». فهل يقتصر قدر الشعوب العربية على نموذجين أحلاهما بؤسٌ ومرُّ؟
يصرّ موران على ضرورة الاحتفاظ باختلافنا الثقافي. هو يسلّم بأن كل الشعوب ترغب بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية, لكن الديمقراطية لا تُفرض بالعنف على غرار الحرب الأميركية في العراق, فهي مجرّد ادّعاء وهمي، وما فُرض هو شبه اقتلاع لبلد.
تبدو المعرفة والفكر اليوم كجزر متفرقة في بحر شاسع يكاد لا يجمعها إلا ليشتتها, فكم نحتاج لتطبيق نظرية موران الساعية إلى إصلاح المعرفة, فالعالم في حقيقته ليس مقسّماً إلى أصناف، كفروع الجامعة, بل كل شيء فيه مترابط ويتواصل فيما بينه، ليشكل ما أسماه موران بالنسيج التركيبي.
يختم موران حديثه بالقول: الحرية المطلقة - كما قال هيغل - تعادل الجريمة. فالحرّية الممكنة الآن هي حريّة المعرفة والمقاومة والتمرّد والصراع ضد الاستبداد.
suzani@aloola.sy