يصبح حبنا لدمشق- سورية طاعناً في الضوء... فهل تتساوى موازين عشقنا لها.. وبعض الحب قتّال؟!
أن تتساوى ساعات النهار والليل يعني أن أشجار اللوز والمشمش تدخل في فصل بياضها وتترك لنا وعداً بالأخضر.. وأن الثلوج المعمِّمَة رأس الشيخ والحرمون تبدأ طقس الذوبان, فيفيض خصباً بردى..
أن تتساوى ساعات النهار والليل يعني أن نحتفل بأمهاتنا, ولهذا (الآذار) طعم يختلف كثيراً هذا العام, فأمهات سورية كنّ الأكثر حزناً وفقداً.. والأكثر فخراً أيضاً..
عفوكنَّ أمهات بلدي.. أي هدية تليق اليوم بدمع عيونكنَّ.. بحرقة قلوبكنَّ.. بساعات انتظاركنَّ على مفارق الأمل.. بأكفّ دعائكنّ.. بمناديل حزنكنَّ البيضاء!
أي هدية تليق بكنَّ نساء وبنات بلدي.. وقد خلّفكنَّ عدم تساوي ساعات الحب, عند بعضنا, أرامل وثكالى ويتيمات وشمعات فقد!؟
كيف لقلّةٍ منّا يبذرون اللاحب بيننا أن يثمر حصادهم كل هذا الدم والخراب؟!
كيف لكلّ الحب الذي ينثره السوريون في كل حفنة تراب, وكل ساقية ماء, وكل غرسة ياسمين وجوري.. ألاّ يفوح عبقاً ويمامات سلام...!
في سيارة تنهب الطريق إلى «شهبا» السويداء قبل يومين, وفي مركزها الثقافي, وفي بيت أحد أبنائها, لم أكن بحاجة لأي دليل على عمق انتماء السوريين لكل حبة حنطة شامية.. لكل قطرة مطر تزفها سماء سورية.. كان الشعر وآثار البازلت العابر للزمان.. وفيليب العربي.. وسلطان باشا الأطرش.. وجمال عبد الناصر يوحدون قلوبنا, فتتساوى ساعات نهاراتنا جميعاً.. وتتساوى ساعات الحب.
سورية يا أمّنا.. لعلّنا أسأنا التصرف في حبك, فأدّبينا..
لعلّ بعضنا نسي بياض ياسمينك.. عبق جوريك.. نكهة حنطتك.. سلسبيل مائك.. لعلّ بعضنا تاه عن أخضر جزيرتك أو أبيض قطنها..
لعلّ بعضنا أضاع البوصلة إلى شموخ شهبائك.. رقراق عاصيك, زرقة بحرك.. كبرياء بازلتك...
سورية.. يا أمّنا.. سامحينا.
suzan_ib@yahoo.com