يعني أن رسالة ما ينقلها كيري من الرئيس أوباما للرئيس بوتين، وأن جدولاً من الأعمال والملفات الملحة يبحثها الوزير الأميركي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في وسع أي متابع أن يعرف عناوينها على الأقل، وهي في مجملها، وإن كانت متباعدة أو مختلفة، إلا أنها وفي سياق العقل السياسي الذي يديرها سواء كان أميركياً أم روسياً صينياً، مترابطة بطريقة ما وذات أثر متبادل بين كل منها والآخر بالنسبة إلى ذلك العقل.
غير أن الملف السوري، وكما يبدو من ظاهر الأشياء على الأقل، وفي ضوء الاعتبارات الأمنية والاستراتيجية الدولية لقطب أميركي متراجع في مقابل قطب روسي صيني متقدم.. وأكثر من ذلك في ضوء الاستعصاء الذي يراوح فيه هذا الملف بالنسبة إلى المشروع الأميركي الغربي الصهيوني في الشرق الأوسط، سيكون حجر الرحى الذي تدور من حوله الأشياء سواء أكان جعجعة أم طحناً.. وحتى دون إعلانات وتصريحات إعلامية طنانة تؤشر أو تفسر.
صحيح أن الانتفاضة الدولية الروسية الصينية في مواجهة الهيمنة الأميركية العالمية، والتي تجلت أكثر ما تجلت في استخدامات الفيتو في مجلس الأمن، وفي الدعم السياسي المقدم إلى النظام الشرعي القائم في سورية.. محاطاً بما يزيد على نصف العالم سكاناً واقتصاداً ونفوذاً لمجموعة دول البريكس، ساهم في دفع الملف السوري ليكون ملفاً محورياً عالمياً في التوجه نحو بناء عالم جديد أكثر توازناً وأقل ظلماً، إلا أن ما أظهرته حرب السنتين الدائرة في سورية من صلابة وصمود الشعب السوري ووعيه السياسي المتقدم لطبيعة الأحداث وبنيتها الإرهابية الضاغطة من الخارج والداخل، ومن وطنية الجيش السوري وتعبيراته الشعبية وقدراته العسكرية في مواجهة ودحر السيل الإرهابي العالمي المدعوم من حكومات عربية وإقليمية متواطئة.. دلل بكثير من المصداقية والتجربة الحية أن سورية شعباً وجيشاً وقيادة ودوراً هي الطريق المستقيم إلى العالم الجديد وباتجاه واحد، وزيارة كيري إلى موسكو اليوم شوط متقدم للعالم على تلك الطريق!