وتحتاج إلى كثيرٍ من الشرح والتفسير، حين قدّمت جثة الجندي الإسرائيلي، في سابقة خطيرة تنمُّ بحدها الأدنى عن الرغبة في مناكفة الأميركي في أقرب أوراقه، ومن داخل جحره، غير أنها تثير زوبعةً من الاحتمالات الخطيرة، أقلها التعثُّر في تسويق الحيثيات والارتباك إلى حدود المغالطة في التفاصيل.
فالرئيس الأميركي لم يكتفِ بما اتخذه من خطوات تهويدية وعربدةٍ لشرعنة الاحتلال واغتصاب ما تبقى من الأرض العربية، في مقامرةٍ لن تقف تداعياتها عند حائط الانتخابات الإسرائيلية، التي يراد لها أن تكون على مقاس نتنياهو في الشكل والمضمون.
وهذا ما يستجره الحديث عن ضم المستوطنات وبقاء السيطرة الإسرائيلية، لتكون رأس حربة الخطوة التالية التي تستهدف الضفة الغربية برمتها، ووضعها في مرمى الأطماع الإسرائيلية والأميركية، في عملية لم يعد مستبعداً أن يقدم عليها الأميركيون والرئيس ترامب شخصياً في اللحظات التي تسبق الانتخابات، لتكون آخر ما في الجعبة من أجل إعادة استنساخه انتخابياً، ولو كان بطريقة التعويم القسري.
«التنافس» هنا وبهذا الأسلوب يطرح عشرات الأسئلة التي يصعب الإجابة عنها، وربما يستحيل ذلك في إطار أي مقارنة تجري، وفي مقدمتها عن الجدوى التي سيجنيها الأميركيون وغيرهم من تعويم مفلس في الداخل الصهيوني، وفاسد وفق التوصيفات المرافقة له، وعدواني في معظم الأدبيات السياسية؟
السؤال الجوهري في المقاربة أن هذا «التنافس» الأميركي الروسي يكاد يشكل الخرق الأكثر مدعاةً للاستهجان في سلسلة الاحتمالات، التي تقوم عليها مختلف التحليلات السياسية الناتجة عن الغموض المحيط بجوانب الموقف والرغبة في الإبقاء على نتنياهو في أضواء السياسة رغم أنف الآخرين.
فإذا كان مفهوماً ومعروفاً أنّ العلاقة الأميركية الإسرائيلية لا ترتبط أساساً، ولا تتوقف على وجود نتنياهو أو سواه، كما هي لا تتوقف على وجود ترامب أو غيره، وإن كان الأكثر وضوحاً في انحيازه الأعمى لإسرائيل، حين ترك الحبل على غاربه أمام عدوانيتها وحقد زمرته من رؤوس حامية داخل الإدارة الأميركية، فيبقى السؤال الأصعب، وقد يكون المحير يتعلق بالجانب الروسي، والذي يحتاج إلى إجابة ليس من المحسوم حتى اللحظة الوصول إليها.
المقاربة الأخطر ما يتم تداوله عن الخطوات الأميركية المقترحة في سياق التنافس مع الروسي في خطب ودّ الإسرائيلي، والجزم بالمقدرة على إعادة تعويم نتنياهو، من دون الحاجة للروسي في هذه المسألة، ما يزيد من تعقيد المشهد في السباق المحموم على تحقيق السبق في الترويج للفائز القادم ضمن سيناريو إعادة ترتيب البيت الإسرائيلي، ليكون الورقة الأكثر مطواعيةً في الصراع على النفوذ والتحكم بمسار التجاذب في العلاقة البينية، وفي مناخ العلاقات الدولية.
أخطأ الأميركيون مراراً وتكراراً في الانحياز الأعمى، وتراكم الخطأ في ظل إدارة أميركية، لا تتردد في صياغة المشهد الإقليمي، ليكون على مقاس المتطلبات العدوانية الإسرائيلية، بينما يسجل الموقف الروسي - الذي يبقى خارج أي مقارنة - ما يقترب من حدود الخطيئة، التي سيكون من المحال تحت أي عنوان أو سقف أو فهم أو تبرير أن تمرّ، وتحتاج إلى ما هو أكثر من التوضيح والتفسير، وربما اقتضت أن تصل إلى حدود المراجعة..!!
a.ka667@yahoo.com