ولكن هل يمكن لك أن تقف محايداً وأنت ترى ما يحيط بك ويحيق بك..؟!
أياً كان المقصود مواطناً مثقفاً، فناناً، عاملا، تاجراً، طالباً، إعلامياً، فهو صاحب موقف ينميه ويفعله تجاه قضايا وطنه ومصيره، وإذا لم يكن المرء في مثل هذه الأوقات العصيبة والصعبة قادراً على اتخاذ الموقف الذي ينسجم مع قضايا وجوده وانتمائه، فهو بالتأكيد مجرد رقم لا قيمة لوجوده، بل هو كتلة جسدية لا يعنيها الانتماء الوطني والقومي ولا مصير الوطن.
وبالتأكيد لانمل من القول: إن الانتماء الوطني يتجلى بألف شكل ولون، فالطالب في مدرسته وتحصيله الدراسي يعبر عن انتمائه، والعامل في معمله، والفلاح في حقله ومزرعته، وصاحب أي مهنة يقوم بواجبه يمارس انتماءه الحقيقي والوطني، فالكل في معركة الوطن الوطن، له دوره وقدرته على فعل شيء ما، لأن الصمت يعني الحياد السلبي فما أحوجنا إلى تكاتف وتضافر جميع الجهود في مراحل بناء الوطن كلها، ولاسيما عندما يتعرض لمحنة أو أزمة إنه الوطن، الأرض، واللغة والهوية والمسكن، الثقافة، العادات والتقاليد، إنه الوطن بيت الجميع، وشجرتهم الوارفة، غرس أجدادهم وآبائهم، الوطن المبني بالعمل والانجازات المتراكمة عبر آلاف السنين، ليس وليد الأمس ولااليوم، حضارة عمرها آلاف السنين، عطاء إنساني يزداد ثراء بقدرة أبنائه على التفاعل الخلاق مع كل تيارات الثقافة والحضارة والتمدن، وقدرتهم على تحويل هذا التفاعل إلى عطاء متواصل وهذا ديدن وشأن السوريين مذ كانوا على وجه الأرض قدر السوريين أن يكونوا منذورين للعمل والعطاء والتفاعل الخلاق، قدرهم أن يمدوا يد العون إلى كل من احتاجها، وقدرهم أن تحيق المؤامرات بهم من كل حدب وصوب وقدرهم أن يفتدوا الوطن وتاريخهم يشهد على ذلك.. ولكن ليس من قدرهم أن يهدموا ما بنوه، ليس قدرهم أن يحرقوا بيادرهم ويمزقوا أوصال وطنهم وقدر السوريين أن يجتازوا المحن ويضمدوا الجراح، ولو كانت جراحاً بيد بعض الأشقاء الذين تاهوا ذات يوم ولم يجدوا غير الشام بوصلة تهديهم،لكنهم عادوا للتيه ثانية تيه الخراب والدمار، قدر السوريين أن يرددوا المقولة: طبيعة الضفادع أن تقفز من الماء العذب إلى المستنقعات نعم تقفز من نضار الذهب إلى الماء الآسن وقدر الذهب المصهور أن يزداد نقاء، سورية الوطن والعروبة والأمل، سورية الشعب والإرادة، يحميها أبناؤها وإن تكسرت النصال على النصال وجرح الأخوة.
dhasan09@gmail.com