في العودة المنتشية هذا العام ثمة أكثر من موقف.. وربما هناك أكثر من قراءة.. لكن الدم العربي الذي روى الأرض العربية في أكثر من مكان جمعته القضية اليوم.. وأعادت له دفقه الهادر بعد سنين من النسيان.
المباغتة أفقدت الإسرائيليين جدول حساباتهم.. وعدلت في أوراق حقائبهم التي جزمت ومنذ زمن ليس بقصير أن النكبة مثلما غابت عن الأرض تغيب عن الوجدان.
لم تكن ردة فعلهم الإجرامية مجرد توثيق لتاريخ حافل بالإجرام فحسب، بل هي أيضاً دليل إثبات جديد على عدوانيتهم التي تزيدها السنون وحشية.
كان المشهد المتنقل في البقاع العربية من الجولان الى مارون الراس وصولاً الى فلسطين المحتلة يحكي رواية مختلفة.. ويقدم سرداً عملياً وبليغاً يرد على ترهات عديدة علقت في أذهان الكثيرين.. وربما شكلت قناعات لدى أغلبيتهم.
فما قدمته النكبة في يوم احيائها يعيدها إلى الحضن الشعبي العربي.. وتورق في الوجدان العربي من جديد.. وجاءت النذر الأولى منها ملأى بالدلالات والعبر..ترسم أفقاً عربياً مغايراً لما اعتادت عليه العقود الماضية.
لا أحد يجهل حجم مابذلته إسرائيل لاقتلاعها من الذهن العربي.. ولإلغاء وجودها من الضمير العالمي.. ومارست سياسة تضليل توهمت بعدها أن النكبة باتت من الماضي.. والحاضر الوحيد اليوم كان فقط الاحتفال بقيام الكيان الصهيوني على الأرض العربية ويبدو أنها ارتاحت لهذه النتيجة واعتبرتها الأمر الواقع الوحيد.. وعلى هذا الأساس تصرفت وعملت وحضّرت ذاتها.. وذهبت بعيداً في اجراءاتها حين جرّمت كل من يفكر بإحياء النكبة لتمعن في سياسة الإلغاء بعد أن جهدت في السنوات الأخيرة لتمرير يهودية إسرائيل.
ماحدث بالأمس أنه قلب الطاولة رأساً على عقب.. وماكانت تحكيه النكبة في ذكريات إحيائها أقدمت على فعله اليوم..وماجزمت به إسرائيل ذهب أدراج الرياح.
سواعد الفتية وصدورهم التي تحدت الاحتلال وأسلاكه وآلياته ورصاصه تصنع تاريخاً جديداً.. سيكون مابعدها مختلفاً عما قبله.. وما كان عنواناً في الماضي تطويه صفحة اليوم إلى غير رجعة.
سواعد آمنت بأن الفعل العربي المسكون بوجدانه الشعبي يتلاقى أمام الأسلاك الشائكة ذاتها.. ويواجه الرصاص ذاته.. والبندقية الموجهة إلى صدره هي ذاتها، سواء في الجولان، أم في مارون الراس، أم في قلنديا وغيرها من الأرض العربية.
حقيقة أبصرتها ليلة إحياء النكبة شعبياً.. وهي ترسم معادلة أخرى مغايرة تقدمها كعنوان للمرحلة القادمة.. عنوان يخفي تحته تفاصيل ما سيكون عليه الغد.
a-k-67@maktoob.com