تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المتآمرون على سورية : بين استيعاب الفشل و.. المخادعة ؟

الصفحة الاولى
الاثنين 9-4-2012
العميد الدكتور أمين محمد حطيط

لم يعد لعاقل ان يتوهم بأن هناك امكانية بعد لنجاح المؤامرة ضد سورية ومحور المقاومة والممانعة الذي هي فيه، وفي حين بدا الغرب قد استوعب الامر او يكاد، نجد الادوات الاقليمية خاصة من الاعراب يراهنون على امر آخر رهاناً يبنونه على خديعة ما تنقذهم من الهزيمة:

أ‌. ففي المواقف الغربية نجد:‏

1) ان الغرب تنصل ظاهرا من العمل الارهابي وابدى اليوم معارضة لتسليح القوى الارهابية في سورية وسمح بفضح امر هذا الارهاب على يد الاعلام المسير من قبل المخابرات الغربية التي تعتمده اداة ارسال الرسائل السياسية او تهيئة البيئة لاتخاذ قرار او الاندفاع في مسير او التراجع عن سياسة وقد كان للتقارير التي نشرتها صحيفة دير شبيغل الالمانية المعروفة الصلة والانتماءات ابلغ الدلالة على التحول الذي يشهده الغرب مما يجري في سورية، وبات واضحا ان هذا الغرب لم يعد باستطاعته السير قدما في اكذوبة «الثورة السلمية» التي تأكدت حقيقتها في صورتها القائمة اليوم بانها عملية ارهاب وغوغاء تبغي وضع اليد على سورية من غير ان يكون لها قاعدة شعبية حقيقية.‏

وقد ترافق ما نشرته ديرشبيغل عن اعمال القتل والتشنيع على يد جزاري حمص الارهابيين (الذين ويا للاسف يلقون الرعاية والاهتمام في لبنان) ترافق ذلك مع الموقف الصريح الذي اتخذه سفير فرنسا في دمشق والفضائح التي اطلقها بحق «الثورة السلمية المزعومة» ودور الدبلوماسية والاعلام الفرنسي في تأجيج نارها وتلفيق اكاذيبها.‏

2) الاخفاق الكبير الذي انتهى اليه مؤتمر «الخداع والتناقضات والارتزاق» في استنبول من قبل اعداء سورية، مؤتمر نسف نفسه بنفسه، فجاءت مواقفه مخادعة متناقضة تؤكد عجز اصحابها عن فعل شيء يخرجهم من الهزيمة التي انتهوا اليها في الميدان السوري.‏

ورغم ان المؤتمر خرج ببعض المواقف الشكلية التي قد تخدع الغافلين البسطاء فإن تحليلاً عميقاً لما صدر عنه يؤول الى القول، ان المؤتمر اندفع الى حيث لا يفعل ولا يؤثر وما اعترافه «بما يسمى المجلس الوطني» سوى استعراض كلامي لا يجد مصرفا سياسيا او قانونيا يقبل اعتماد اوراقه واصداراته.‏

اما النتائج الحقيقية للمؤتمر فانها تقرأ من الموقف الاميركي الواضح والمتمثل برفض تسليح ما يسمى المعارضة السورية والتمسك بمهمة كوفي انان الساعي لارساء حل سلمي في سورية يرتكز على الاقرار بمرجعية الدولة سياسيا وامنيا وعلى الحوار بين مكونات الشعب، حوار يؤول الى انتخابات ديمقراطية في تكوين السلطة، ما يعني وبكل بساطة اجهازا على احلام من انتظر ان يستلم السلطة في سورية بفعل الغوغاء والارهاب.‏

3) القبول الغربي بصدور البيانات المتوازنة من مجلس الامن الدولي والاقلاع عن سياسة التهديد وتحديد المهل بالساعات والايام كما اعتادت اميركا فعله قبل اشهر وقبل المتغيرات في السياسة الدولية، وفي هذا اشارة هامة الى ان اميركا باتت تتصرف وفقا للوقائع الجديدة خلافا للطموحات والتمنيات القديمة.‏

ب‌. اما تركيا التي يمكن تحديدها بالخاسر الاقليمي الاكبر في الميدان السوري خاصة والشرق الاوسطي عامة، فقد انكسر سيفها الذي أشهرته على سورية وتراجع دورها، ويكفي ان نتوقف عند مشهدها وهي تستجدي الآن من ايران الموافقة على اعتماد استنبول مقرا للمفاوضات النووية المرتقبة بينها وبين دول 5+1، حتى تستعيد موقعاً على خريطة الفعالية الاستراتيجية، في حين انها قبل اشهر كانت تتصرف وكانها القوة الاقليمية الاعظم في الشرق والتي تشكل مرجعية لكل حركة وتصرف فيه.‏

ان تركيا التي روجت لسياسة «صفر مشاكل» من اجل ان تكون القوة الاقليمية الكبرى الى جانب ايران ان لم تتقدمها، انتهى بها المطاف الى واقع «صفر صداقات» مع القوى الفاعلة في الشرق الاوسط فهي في علاقة غير مريحة مع ايران والعراق، وعلاقة شبه عداء رسمي مع سورية (نقول رسمي يسأل عنه اردغان وحكومته ولا نقول شعبي لان الشعب السوري كما التركي حريص على حسن الجوار وطيب العلاقات) وعلاقة حساسية مع مصر، وعلاقتها مع ما تبقى من اجنحة مثلث التآمر على سورية – السعودية وقطر- فقد بدا يعتريها الفتور بسب الخسارة في سورية، واذا وصلنا الى روسيا ومحيطها ندرك كم ان السياسة التركية فشلت بسبب السياسة القصيرة النظر والخاطئة التي انتهجتها حكومة اردغان ولا تجد الآن سبيلاً قريبا لتعويضها.‏

ت‌. ويبقى المحور الاخير: محور المراهنة على المكابرة والخديعة (قطر والسعودية ومعهما بعض اللبنانيين). وحيث الاصرار على تسليح القوى الارهابية وارتكاب اعمال القتل والتدمير في سورية، وهم يراهنون على امر من اثنين اما افشال الحل السلمي وكسب مزيد من الوقت لاعادة انتاج المؤامرة، او خديعة تستغل بعد ان ينسحب الجيش والقوات المسلحة السورية من الميدان فيحل ارهابيو المؤامرة مكانهم وتكون قطر والسعودية ومعهما الى حد ما تركيا وفئة لبنانية جاهزين للاستثمار في الخديعة تلك (يذكرنا سلوكهم بما قال به احد الفلاسفة بان الفاشل الضعيف يحتال ) لكن هؤلاء يتناسون وضعهم الحالي وما آل اليه وانهم مكشوفون بواقعهم وتصرفاتهم:‏

1) فبالنسبة لقطر التي تتصور بانها ستتمكن بامساكها برئاسة الامم المتحدة لايام معدودة من متابعة حلقات التآمر التي مارستها في الجامعة العربية ضد سورية، يبدو انها لم تفهم مغزى اثارة الغرب وعلى صحفه الرئيسية الفضائح الاخلاقية المتعلقة بعائلات امرائها خاصة رئيس الوزراء ووزير الخارجية ولم تع كيف تم التعامل مع مواقفها في استنبول ولم تدرك الحزم الايراني والروسي معها.‏

2) اما السعودية فقد تتصور ان وضعها اقل سوءا من قطر لكنها لا تدرك انها لن تستطيع التفلت من دفع فواتير الخسارة مباشرة في داخلها وغير مباشرة في موقعها الاستراتيجي في المنطقة بعد التفاهمات الدولية الكبرى التي تحصل حاليا والتي لن يكون للسعودية كما يبدو مقعدا فيها وهي تظن ان تبنيها لطارق الهاشمي من العراق سيؤمن لها موقعا ما وتتجاهل او تتغافل عن قدرة العراق وحكومته على الرد بما يوجعها كما تتجاهل مغزى تحريك الغرب لبعض الملفات فيها..‏

3) وفي لبنان يظن بعض من سقطوا مع المؤامرة ان التمثيليات السمجة والرديئة الاخراج التي يفبركونها (ادعاء محاولات الاغتيال او غيره) ستمكنهم من الانطلاق مستقبلا في عمليات الانتقام والاغتيال السياسي ضد خصومهم، ويتجاهلون ان الآخر يفهم هذا السلوك بانه دلالة على حجم المأزق الذي وصل اليه هؤلاء بعد ان راهنو على سقوط نظام سورية ليرتقوا الى سدة السلطة في لبنان، فاذا بهم يسقطون مع المؤامرة وتبتعد عنهم السلطة حتى باتوا يراهنون على انتخابات العام 2013- كما وعدهم فيلتمن - ليزوروا الارادة الشعبية بقانون انتخاب غير ديمقراطي يستند على الغوغاء الطائفية وشراء الاصوات بحفنة من المال (وهو امر لن يمر هذه المرة لان السلطة لن تسلم مجددا لمزور او مغتصب مهما كلف الامر).‏

اذن نجد ان الفريق الذي لم يستوعب خسارته في سورية بعد، يراهن بشكل اساس على فشل الحل السلمي والخداع. خداع يعيد للارهابيين املاً بالسيطرة على الارض بعد اعادة انتشار القوى المسلحة، ولم يفهموا كما يبدو المواقف الحازمة للدولة في سورية والتي لن تتراجع عن انجاز حققته، ولن تتراخى في تحصين نفسها وصيانة امن شعبها والتمسك بسيادتها، فهل سيفهم هؤلاء ان سورية لن تخدع؟ وانها لن تسلمهم الارض حتى يفسدوها؟ ام انهم سيصمون الاذان عن الموقف السوري الرسمي الداعي الى الالتزام الجدي بوقف الارهاب وتعهد خطي بذلك من قبل الارهابيين داعيمهم، فيستمرون في المراهنة الخاسرة ويراكمون الخسائر؟‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أمين حطيط
أمين حطيط

القراءات: 1117
القراءات: 1754
القراءات: 1853
القراءات: 2078
القراءات: 2415
القراءات: 2458
القراءات: 2518
القراءات: 2507
القراءات: 2470
القراءات: 2974
القراءات: 3467
القراءات: 3078
القراءات: 3624
القراءات: 3459
القراءات: 3208
القراءات: 3776
القراءات: 3477
القراءات: 4499
القراءات: 4296
القراءات: 4673
القراءات: 4375
القراءات: 4278
القراءات: 4292
القراءات: 4696
القراءات: 5270

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية