ولكن الخطير والمستجد في الامر هو محاولتهم عبر الاغراءات اشراك واستمالة بعض المسؤولين ورجالات المجتمع وصناع الرأي في الوطن العربي في خططهم ودعمها لاعادة رسم «جيوسياسية» المنطقة بما يحقق مصالحهم حتى لو ادى ذلك الى سقوط مئات الاف الضحايا وتهجير الملايين وتشريدهم كما حدث في العراق وافغانستان وليبيا وغيرها.
مدعاة هذا التقديم ما قاله الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي خلال زيارته مؤخرا لباريس ليهاجر المسيحيون من لبنان الى فرنسا وان هناك مشروعا للاتحاد الاوروبي لاستيعاب 3ملايين مسيحي من لبنان وسورية.
والسؤال هنا ما هو مقابل السخاء الساركوزي لاستيعاب مسيحيي الشرق ولحساب من سيتم سلخهم من بيئتهم وارضهم وتاريخهم؟!
وكذلك السؤال الاهم لماذا لا يعيد ساركوزي اليهود والصهاينة الذين تم تسهيل تهجيرهم من فرنسا واوروبا واميركا لاحتلال فلسطين مادامت اوروبا مستعدة لاستقبال 3ملايين لاجئ مسيحي؟!.
فالاولى ان يعود اليهود والصهاينة ادراجهم الى اوطانهم الاصلية في اوروبا وغيرها وان يعود اللاجئون الفلسطينيون المشردون في جميع انحاء العالم الى وطنهم فلسطين.
ان صراع الحضارات بين المسلمين والمسيحيين الذي تحدث ساركوزي عنه امام البطريرك الراعي غير موجود الا في مخيلته وخططه العدوانية ولم يكن قائما بين المسلمين والمسيحيين في الشرق على الاطلاق ولم يسجل على مدى تاريخ المنطقة حصوله.. فللمسيحيين مكانتهم وحضارتهم في المشرق العربي وهم شاركوا الى جانب المسلمين في بناء هذه الحضارة العظيمة بينما اليهود والصهاينة هم الغرباء والمحتلون المستعمرون وهم من يجب اعادتهم الى اوطانهم الاصلية ومنها فرنسا.
ماذكره ساركوزي للبطريرك الراعي عن صراع الحضارات حسب مانقلته صحف لبنانية عن احد اعضاء الوفد الذي رافق البطريرك الراعي الى باريس اعتراف صريح بوقوف الغرب والولايات المتحدة الاميركية وراء تغذية صراع الحضارات في منطقتنا والعالم اجمع ومسؤوليته عن نتائجه الكارثية في العراق ولبنان وفلسطين حيث دفع المسيحيون في هذه الدول وغيرها غاليا ثمن المشروع الغربي الاميركي لصراع الحضارات الذي وجد في الاساس لمنع حصول اي نهضة في الوطن العربي خاصة ومحيطه الاقليمي بشكل عام بهدف تأمين قيام دولة يهودية والحفاظ على مصالحهم ونهب خيرات المنطقة النفطية وغيرها.
من الطبيعي ان يصاب البطريرك الراعي بالصدمة والذهول لما سمعه من ساركوزي حول تسلم «الاخوان المسلمون» الحكم في سورية وتصالحهم مع اسرائيل وتصالح لبنان معها وانتهاء مشكلة الشرق الاوسط على حساب ابنائه الاصليين دون ان تقدم اسرائيل أي شيء مع اصرار الرئيس الفرنسي على رفض عودة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وغيره الى وطنهم فلسطين.
فما قاله ساركوزي للبطريرك الراعي هو دليل اضافي على مرامي الغرب الشريرة والخطيرة من ركوب موجة ما بات يسمى بـ«الربيع العربي» ولكن الاهم ان يعي قلة من ابناء المنطقة الذين يهيئون بعلمهم او دونه الارضية لنجاح هذه المشاريع الغربية انهم مجرد وقود لنيران لن تسثنيهم وستأخذهم في لهيبها.