حيث عمد البنك الذي كان يمنح القرض الشخصي سابقاً – قبل إيقاف القروض – بسقف يصل إلى ( 500 ) ألف ليرة، إلى تخفيض هذا السقف والاكتفاء بمعدّل سقف لايتجاوز ( 300 ) ألف ليرة، وهذا يعني بالنهاية تلبية بما أمكن لاحتياجات الناس للسيولة، وتخفيضاً لقيمة القسط الشهري بما يجعل تسديده مريحاً ولا يُشكّل ذلك العبء على المتعاملين.
بعد أن مضى مصرف التوفير في ذلك هاهو المصرف التجاري السوري يعدُ متعامليه من ذوي الدخل المحدود والعاملين في الدولة بالعودة القريبة إلى منح القروض الشخصية أيضاً، متباهياً – ويحق له ذلك – بارتفاع منسوب الإيداعات لديه التي وصلت اليوم إلى ( 310 ) مليارات ليرة.أما باقي المصارف الحكومية الأخرى فما تزال محجمة عن منح القروض بعضها التزاماً بقرار حكومي أوقفت من خلاله القروض على الرغم من قدرتها على المنح وامتعاضها من هذا القرار كالمصرف العقاري الذي بقي متفائلاً ومندفعاً لمنح القروض، حيث عبّرت إدارة العقاري عن عدم قناعتها بهذا القرار ولكنها ستلتزم به وهي تحترم اعتبارات المصرف المركزي وستعمل على تنفيذها ريثما يتاح للعقاري استئناف قروضه من جديد.
أما بعضها الآخر كالمصرف الصناعي، ومصرف التسليف الشعبي، فقد جاء قرار إيقاف القروض وكأنه حالة من الإنعاش قد حلّت بمصارفهم التي بدت كمن يقول : ( إجِتْ وألله جابها ) فالصناعي اكتفى بالتعويل المفرط على سداد القروض المتعثرة والتي بقيت متعثرة على الرغم من صدور مرسومين متلاحقين خلال فترة وجيزة لإعادة الجدولة، غير أن انتظار هذا السداد لم يكن مجدياً ولامحققاً للتطلعات التي حلم بها الصناعي، ونعتقد أنه كان من الخطأ بأي حال من الأحوال أن يتوقف هذا المصرف عن الإقراض نظراً لما لهذا التوقف من أثر سلبي جداً في نفوس المتخلفين عن السداد وتشجيعهم على ( التطنيش ) في أداء التزاماتهم لاعتقادهم الخاطئ بأن البنك يكون هكذا على شفير الافلاس، داعمين هذا التوجّه بالضخ الإعلامي المعادي الهائل واستمرار فصول المؤامرة على سورية حتى وإن تأكدوا من فشلها ولكنها شمّاعة أعجبتهم فتمادوا بالتزامن مع ادّخار المصرف الصناعي لكل مبادراته الأخرى الممكنة، مفسحاً المجال لصرف مبادرة إعادة الجدولة، ولم تُصرف ..!
أما مصرف التسليف الشعبي فلا يزال منزوياً ساكتاً ( لا من تمّه ولا من كمّه ) فهو يتحاشى حتى أي توضيح، رغم أننا سمعنا بأنه طرح مبادرات معينة لاستئناف القروض قوبلت بالرفض دون إبداء أي آراء أو مواقف للعلن ما يدفعنا للاعتقاد بأن أخونا التسليف لا يريد أن يجهد نفسه بشيء، (ومطنّش) هو الآخر إلى الأخير، ومصادر عليمة في هذا المصرف استبعدت لنا أية ملامح أو آفاق واضحة تعدُ باستئناف القروض.
وبطبيعة الحال فإن المصارف الخاصة ليست بحال أفضل من زميلتها الحكومية على الرغم من أن هذا الانكفاء في الإقراض سوف يؤثر على سمعة الحياة المصرفية، ويقطع عن المصارف أهم سبل الدخل، ويساهم بمزيد من الانكماش الاقتصادي لأن تراكم منح القروض يساهم في تحريك السوق عبر زيادة تداول الأموال والسلع .. على كل حال هَدَى الله مصارفنا إلى مافيه خير البلد.