ذاك هو الشاعر نجم الدين الصالح ،ولم يقتصر إيمان الشاعر النجم بأهمية الحرف والكلمة على الشعر فقط ،فاتجه إلى التربية والتعليم،في وقت كانت الأمية تضرب أطنابها في المجتمع ،ثم درس الحقوق ليدافع عن العدالة،كما خاض المعارك البرلمانية فنجح في تمثيل الشعب منذ نصف القرن وحتى الربع الأخير من القرن العشرين.
وأهمية شعر نجم الدين الصالح في وضوح أفكاره ومعانيه،فلم يكن يلجأ إلى الكلمات المهجورة أو المعاني والصور البيانية المعقدة،فمن يقرأ أو يستمع إلى شعره لا يحتاج إلى كبير عناء ليفسر كلماته ويدرك مقاصده، ولهذا يدخل شعره إلى القلب بسهولة دون أن يفكر مليا في الصورة الشعرية المبتغاة.
لقد تحدثت عن نجم الدين الشاعر ،ومن المهم أن نذكر نجم الدين الإنسان،ففي الجانب الاجتماعي وهو ما يعرفه القريبون منه، أن نجم الدين كان إنسانا هادئا ،يشعر جليسه بالود والمحبة ،ويصر أن يقرأ له إحدى قصائده ،وقد عرفناه عن قرب في (جريدة الثورة ) عندما كان يزورنا ويتحفنا بقصائده الوطنية وكانت بالطبع تنشر في مكان بارز تقديرا له ولشعره،ومن زاره في بيته يدرك أن شاعرنا الراحل كان كريما يحتفي بالضيف تماما كما هي العادات العربية الأصيلة .
وانعكس الإبداع على أهل بيته ،فاختار الشاعرة( دولة )لتكون شريكة العمر،واشتهرت من بناته ممثلة متألقة (سوزان)،وكان لابنته (ميساء) نصيب في عالم الشعر.
نجم الدين الصالح من أواخر نجوم الشعر العربي القديم الذين ولدوا في عشرينيات القرن الماضي،وربما لم يبق منهم سوى اثنين أو ثلاثة ،ويشكل رحليه خسارة للحياة الشعرية الأصيلة ،ولكن الموت سنة الحياة .