تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أنت أنا ولكن..؟!

من داخل الهامش
الاثنين 21-10-2013
 ديب علي حسن

هل أنت الآخر.. أم هو أنت..أأنت أخوك أم أبوك؟ أأنت من كنت صغيراً وصرت شاباً.. كيف تكون أنت والآخر أنت..هل خلقك الله وكسر القالب وجعلك فريداً وحدك، لاأحد من قبلك ولامن بعدك..

كيف تكون إنساناً فاعلاً متفاعلاً. لاشجرة وحيدة في أرض لاشيء فيها..؟ الأمر لايحتاج إلى فلسفة عميقة، هذا الكون وهذه الحضارة، وهذا الملأ ليس ملكاً لشعب وحده، ولا لأمة من الأمم، ولم يكن تاريخ الإنجازات البشرية خارج إطار التشاركية والتفاعلية، فما من أداة من الأدوات التي نستعملها مهما كانت صغيرة إلا وساهم في صناعتها عدد كبير من العاملين المهرة.. بمعنىً آخر لِمَ تريديني أن أكون غريباً عنك تراني وحشاً كاسراً وترى نفسك ملاكاً.. من وكلك أن تكون جلادي على هذه الأرض، ومن أعطاك صك البراءة وزرع الإنسانية كما تظن بك وحدك.. هل أذكرك بالمثل الشعبي «لو رأى الجمل حردبته»..‏

الوطن ليس رغيف خبز، ولاتفاحة ولاجرعة ماء، ولاشيء مفرداً لك وحدك أبداً، هو حقل حقول وتفاح وينابيع ماء، وهذه أشياء لاتضع من قبلك وحدك، بذور قمحي من حوران، ويمكن من الجولان، وسمادي من حمص، وآلات حصادي من حلب، وتفاحي من السويداء، وبرتقالي من الساحل، ولباسي من قطن الحسكة ودير الزور والرقة هنا قطرات عرقي تمازجت بعرقك، هنا تعاضدت يدانا معاً، هنا وقفنا معاً، هنا تحدثنا، هنا بنينا مدارسنا ومصانعنا، هنا سهرنا، ضحكنا، مشينا، بكينا، كيف الآن ترى ذلك وهماً وسراباً.. من أغراك أن تكون وحدك أو أكون أنا وحدي..؟ من الذي دمر حضارة عشرة آلاف عام من الحضارة والعطاء.. كيف تقبل ذاك القادم من أدغال افريقيا وكهوف أفغانستان، كيف تفتح بيتك وتنذر كل شيء لذاك الذي لايعرف من مبادىء الحضارة شيئاً، كيف تسمح له أن يذبح أخاك السوري من الوريد إلى الوريد، وهو يكبر عليه.. كيف تشعل النار في وطنك وتجعل أطفالك يتامى وبيدك تسرف مقدرات وطنك إلى آخر..‏

أنت أنا وأنا أنت لكن لايعني هذا أننا رؤوس بصل، أو ملفوف، أكتمل بك وتكتمل بي، اغتني بفكرك، بثقافتك، بابداعك، بعملك، بنتاجك. نحن معاً نبني وطناً ونضع تاريخاً وهذا ليس جديداً أبداً، نحن أول من صنع حرفاً ليعرف العالم كيف يتواصل فمالنا اليوم لانتقن غير لغة قطع الرؤوس..؟!‏

أرأيتهم في الغرب ولست معجباً بهم- كيف يحترمون الرأي الآخر فيما بينهم، ليسوا نسخاً متشابهة أبداً، لماذا تذهب إليهم وتحترم قوانينهم وعاداتهم وتقاليدهم وتبدو هناك متحضراً، راقياً، إنساناً، لكنك حين تعود إلى هنا تعود إلى وحشيتك، حقدك، كفرك، أنانيتك.. قد تأتي ببنت ليل من أي مكان في العالم وتقول «تابت » نعم (تاب الله عليها) وهنا ترى كل أنثى غير.. تراها كما أنت.. حتى الوحوش لم تعد وحيدة في غاباتها وكهوفها أبداً، تمشي قطعاناً، وتأكل معاً.. ربما يتفرد أحدها بحصة أكبر لأمر ما.. وللقطيع حصته، تفرده، لكنه يعود إلى صفه وكل حيوان فيه له مزاجيته وسلوكه.. فكيف بك أنت أيها الإنسان، أنت أخي وأنا أخوك أشحت بوجهك أم لم تفعل، أنت وأنا الملاك، والإبليس والشيطان، أنا وأنت العطاء والخراب والدمار، أنا وأنت نبني معاً، نعيش معاً، لسنا رؤوس بصل ولاملفوف، أخرج من رأسك طيور الظلام وأنا من يردد قول القروي: من هام في حب الغريب - فلست عن الأخ العربي بالمتحول..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 ديب علي حسن
ديب علي حسن

القراءات: 683
القراءات: 686
القراءات: 711
القراءات: 609
القراءات: 623
القراءات: 699
القراءات: 761
القراءات: 715
القراءات: 584
القراءات: 790
القراءات: 679
القراءات: 667
القراءات: 648
القراءات: 672
القراءات: 656
القراءات: 607
القراءات: 742
القراءات: 630
القراءات: 699
القراءات: 674
القراءات: 734
القراءات: 710
القراءات: 727
القراءات: 650
القراءات: 700

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية