تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


العرب وانعدام الوزن ؟

اضاءات
الاثنين 21-10-2013
د. خلف علي المفتاح

يكاد العرب بدولهم و نفطهم و ثرواتهم المادية خارج الحسابات الاستراتيجية الدولية بسبب تشظيهم و تابعيتهم و تنافرهم و تناحرهم و نحن هنا نتحدث عن أمة لا عن دولة بعينها،

فثمة استثناءات هنا و هناك، لكن بالمجمل الكلي يبدو العرب كمن يسير خارج منطق الاشياء و السياسة و فن الحكم و إدارته، فالعرب الذين استطاعوا في يوم من الأيام لي ذراع أوروبا عندما تضامنوا في تشرين عام ثلاثة و سبعين و استعملوا بعضاً من قوتهم العسكرية و النفطية نراهم اليوم أصفاراً على الشمال في حسابات الكبار وصفقاتهم فيما يطلق عليه لعبة الامم و الأصح ( لعبة الكبار على الصغار ) .‏

إن أهمية أية دولة أو تجمع أو تكتل دولي هو محصلة عناصر مادية بشرية و اقتصادية و عسكرية و جيو سياسية تكلل بإرادة سياسية قوية والواضح من خلال تحليل تلك العناصر على المستوى العربي أنها دون فعالية لأنها لا توظف الأوراق بيد قوى خارجية إقليمية و دولية، بمعنى أنها تشكل قيمة مضافة لدول لا تمتلكها أصلاً و إنما تسيطر عليها عبر نفوذها السياسي أو فائض قوتها العسكرية، و بالمقارنة على المستويين الإقليمي و الدولي يمكن أن نقدم مثالين اثنين أولهما الإيراني و الآخر الجنوب إفريقي، مع الفارق في طريقة التوظيف فقد استطاعت إيران، وعلى الرغم أنها تتعرض لحصار اقتصادي وعداء مزمن مع الغرب أن تصبح قوة عظمى إقليمية يحسب لها الغرب و أمريكا و العالم ألف حساب، لأنها استطاعت و بالاعتماد على قوتها الذاتية و حسن استثمار ثرواتها و توظيفها بناء دولة عصرية علمياً و اقتصادياً و عسكرياً، و كذلك على الصعيد المؤسسي الديمقراطي و السبب الرئيس الذي يقف وراء ذلك هو توفر الارادة السياسية لقيادتها و الحس القومي و الوطني الذي امتلكته مكللاً بالإصرار و الإيمان على تحقيق الاهداف مهما كان شكل الصعوبات والتحديات وقدرتها على الاستثمار الصحيح للعناصر الاي تمت الاشارة اليها .‏

المثال الآخر جنوب إفريقيا الدولة التي كانت مستعمرة أوروبية و مثالاً للتفرقة العنصرية و التناحر و الحروب استطاعت خلال اقل من عقدين من الزمن ان تتحول إلى قوة عظمى اقليمية اقتصادياً و عسكرياً و سياسياً لها تأثيرها و أهميتها و دورها على صعيد العلاقات الدولية و رسم المشهد الدولي بأبعاده الاستراتيجية و السبب هو أيضاً امتلاك الإرادة السياسية الوطنية المتحررة من كل اشكال الارتهان للخارج والاصرار على النجاح في خطط التنمية الطموحة اعتماداً على الطاقات الوطنية وحين استثمار الثروة العقلية .‏

إن أخذ مثالين آسيوي و إفريقي هو للدلالة على تشابه المقومات و العناصر الثقافية والبشرية مع بعض الدول العربية، و كذلك الإمكانات و الظروف التاريخية التي مرت بها شعوب متماثلة إلى حد بعيد لبيان أهمية امتلاك عنصر الإرادة السياسية و القرار الوطني و حسن توظيف الطاقات في إطار بناء القوة الذاتية أخذا بالاعتبار استثمار الظرف الدولي، وما يوفره من فرص نجاح لمن امتلك أصلاً ارادة النجاح والتفوق .‏

إن أهم ما يفسر تراجع الدور العربي على المستوى القومي هو غياب التنسيق بين الدول العربية الفاعلة أولاً و حالة الارتهان للقوى الخارجية سواء كانت إقليمية أو دولية ثانياً ناهيك عن عدم توفر إدارة رشيدة و حوكمة اقتصادية و سياسية على المستويين التنموي والسياسي و ما يرافق ذلك من تسلط و فساد و انتهاك لحقوق المواطنة في أكثر من بلد عربي كل ذلك ترافق مع حالة تشظٍ على مستوى بنية الدولة الوطنية نتيجة خطابات رجعية تفتيتية تبنتها وسائل اعلام ومنابر عكست سياسات و استراتيجيات محكمة تحمل تفكيراً بدائياً لا ينتمي إلى روح العصر والدولة المدنية بأية صلة تأسس على خرائط ضيقة تجمع و لا تفرق و تصب في خانة العداء للعروبة و وجها الحضاري المنفتح .‏

إن استمرار الحالة العربية على هذه الشاكلة من التراجع و التفسخ و التنافر و التشظي لا يتهدد الحالة العربية أو فكرة العروبة فحسب، و انما البنية الذاتية للدولة الوطنية بالاساس، فالواضح للعيان أن دول العالم، و حتى الكبرى و العظمى منها تسير باتجاه التكتل الاقتصادي و السياسي والشراكة لتحجز لها مكاناً في عصر ما بعد الأحادية القطبية و تشكل الخرائط الجديدة، بينما تسير أغلب الدول العربية في الاتجاه المعاكس لذلك تماماً .‏

khalaf.almuftah@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خلف المفتاح
خلف المفتاح

القراءات: 11202
القراءات: 1004
القراءات: 759
القراءات: 905
القراءات: 781
القراءات: 854
القراءات: 867
القراءات: 829
القراءات: 894
القراءات: 839
القراءات: 840
القراءات: 827
القراءات: 851
القراءات: 886
القراءات: 921
القراءات: 904
القراءات: 977
القراءات: 966
القراءات: 911
القراءات: 965
القراءات: 896
القراءات: 930
القراءات: 955
القراءات: 994
القراءات: 1160
القراءات: 1143

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية