تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أضحى غريب

معاً على الطريق
الاثنين 21-10-2013
أنيسة عبود

للمرة الثالثة يأتي عيد الأضحى و سورية على مذبح التضحية .. جراح و آلام و دماء تروي الأرض .. أنهار تتلون بدم الضحايا من الجيش و المدنيين ..

بيوت يدق عليها العيد ولا أحد يفتح .. طرقات لم تعد توصل كعك العيد إلى الأحبة .. حديقة خالية من الأراجيح و من ( هيصات ) الأطفال و أهازيجهم .. شوارع كانت صاخبة بعربات العصير والحلوى .. شوارع للخلق جميعاً « للسوريين جميعاً « . شوارع ملونة بالفرح، تحولت إلى شوارع ملونة بالدم و الرصاص .. جدران مهدمة و حواجز على السكين .. ذقون تختصر الجنة و النار .. ذقون و برطمة غير مفهومة وغرباء، هيئتهم ليست هيئة السوريين الحضارية الجميلة السمحة .. أعلام تحمل الرقاب المقطوعة .. نساء ملفعات بالسواد ( يجاهدن بالنكاح ؟؟) دور عبادة تتحول إلى دور بغي .. رفاق الطفولة يقتلون بعضهم .. رفاق السلاح يذبحون بعضهم .. أي عيد يأتي إلى بلاد شبابها هم خراف العيد .. وأطفالها المخردقون بالرصاص هم كعك العيد ؟‏

ثم يأتي العيد .. نعم .. مع كل هذا الألم يأتي العيد كغريب لا يعرفه أحد .. هي دورة الحياة و دورة القمر و الأرض .. و على العيد أن يأتي .. و يجب أن نفتح قلوبنا لصباح جديد، لكن الجديد ليس إلا أمهات مفجوعات، عظيمات، يقدمن الولد تلو الولد من أجل أن تبقى سورية عزيزة، منيعة على اللحى المتأمركة وعلى الفتاوى المتصهينة، من أجل أن نبقى نحن أبناء الأبجدية الأولى و المدنية الأولى أعزاء في أرضنا .‏

للمرة الثالثة يأتي العيد دون أن يحمل معه حجاج البيت الحرام .. دون أن يتراكض الأطفال إلى هدايا الأرض المقدسة ليتباركوا بمسبحة أو بقطرة ماء من زمزم .. أو بميدالية عليها اسم من أسماء الله الحسنى .‏

للمرة الثالثة لا يحج السوريون إلى البيت الحرام .. وكأن هذا البيت المقدس هو ملك لآل سعود وحدهم .. كأنه ليس ملك المسلمين جميعاً يحجون إليه من أصقاع الأرض .. فمن أعطى الحق لآل سعود ليمنعوا عباد الله المؤمنين في سورية من الحج ؟‏

ماذا سيقولون لرب العالمين عندما يشتكيهم شيخ وافته المنية قبل أن يحج وكان ينوي الحج والتوبة والتقرب إلى الله ؟ من سمح لهم أن يتحكموا بمقدسات مليار مسلم على الأرض ؟‏

و لماذا هذا الصمت عن جرائمهم ؟ لقد سخروا نفط الخليج للعدوان و قتل الناس و تقسيم البلدان .. وهذا ليس بجديد .. و من يقرأ التاريخ يعرف ماذا كان يدبر آل سعود لسورية و مصر منذ عهد جمال عبد الناصر .. و ماذا يدبرون الآن للعراق .. و بدلاً من أن يتحول بترول العرب للعرب لبناء الإنسان وتقدمه ورفاهيته وتعليمه .. تحول هذا البترول إلى نقمة و إلى آلة قتل وتخلف وتفرقة .. ثم يأتي العيد .. و تحتفل به شعوب الأرض .. بينما نحن نرنو إلى الجنوب، إذ لا حجاج ولا حجيج .. بل خيام منصوبة في عراء البراري .. يحجّ إليها عراة العقول مشايخ أل سعود .. يغتصبون النساء السوريات بأموالهم و نفاقهم و يتركونهن لا معلقات ولا مطلقات كأنهن بغايا المعابد الوثنية .. ثم يقولون هذا نكاح الجهاد .. لعمري هذه من عظائم الأمور فهل سمع أحد بجهاد ( الفروج ) ؟‏

لكن ومع كل الألم والغضب الذي يحسّ به المواطن السوري الصامد على أرضه، المدافع عن عرضه، تجاه مشاهد النسوة المنقبات ( المنكوحات من تحت نقاب الجهاد ) و المباعات لتجار النخاسة يتساءل: كيف لكل هؤلاء النساء الصبر على ما يحدث لهن؟ و كيف استطعن البقاء في مخيمات البغاء؟ و متى كانت المرأة السورية لقمة سائغة لهؤلاء الفاجرين ؟‏

و مع كل الألم نتساءل .. كيف يرضى بعض السوريين بترك أعراضهم ينتهكها الغادي والبادي .. كيف استطاعوا أن يتركوا أرزاقهم و بيوتهم و بلدهم و يقبلون العيش في الخيام ينتظرون صدقة رعاة الإبل؟ هل هو ظلم الدولة ؟ أم هو البحث عن الحرية ؟ أم الرغبة بالهجرة بحثاً عن المال السعودي والخليجي ؟‏

يبدو أن السوريين الذين هاجروا توقعوا أن تعطيهم دول الخليج بيوتاً مكيفة ورواتب كرواتب الأمراء وغانيات من غواني العم سام .. وتوقعوا أن .. وأن .. وكم توقعوا وكم خذلوا، و ما تبثه القنوات الفضائية أو ما تكتبه الصحف الأجنبية عن السوريين و عن السوريات في هذه الخيم القذرة سواء في تركيا العثمانية، أو في لبنان الطائفية، أو في الأردن المحمية الإسرائيلية السعودية، لا يتحمله العقل السوري. ولا يقبله السوريون ؟؟ فليعد المهجرون .. و ليأكلوا التراب في بلدهم أفضل من الوقوف على باب اللئام .. ليعد أهلنا ولتعد بناتنا حفاظاً عليهن من أنياب الذئاب.‏

أصواتكم توجعنا .. و صراخكم يصل إلينا وثقوا أن أحداً لا يأخذ الحرية من بلدان مستعبدة وتابعة .. حريتكم في سورية و كرامتكم في سورية .. عودوا .. عيشوا في خيام الوطن ولا تقبلوا قصور الغرباء .. نحن السوريين تربينا على العزة والكرامة والإباء ..عودوا إلى حضن الوطن.تعالوا نبنيه معاًلأن من يترك داره يقلّ مقداره .‏

أضحى مبارك لسورية ولجيشها العظيم والخلود للشهداء .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أنيسة عبود
أنيسة عبود

القراءات: 641
القراءات: 748
القراءات: 693
القراءات: 647
القراءات: 666
القراءات: 613
القراءات: 633
القراءات: 830
القراءات: 881
القراءات: 716
القراءات: 692
القراءات: 715
القراءات: 714
القراءات: 806
القراءات: 713
القراءات: 712
القراءات: 698
القراءات: 780
القراءات: 692
القراءات: 841
القراءات: 702
القراءات: 750
القراءات: 840
القراءات: 917
القراءات: 718

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية