تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


معادلات غير صحيحة !!

على الملأ
الاثنين 21-10-2013
علي نصر الله

في أجواء الحرب، وفي الأزمات الكبرى، وفي الظروف الاستثنائية تنشأ في المجتمع معادلات غير تلك المعتادة التي تصالح معها الغني والفقير؛ وغير تلك التي تحكم الحركة الاجتماعية والاقتصادية وتمسك بها الدولة ممثلة بالحكومة والسلطات التنفيذية،

وتكاد تكون هذه المسألة بكل مكوناتها من المسلمات التي لا ينكرها أحد، غير أن ما يحق للدولة والمجتمع استنكاره هو أن تستغل فئة محددة الدولة والمجتمع بذريعة الأزمة والظروف الاستثنائية استغلالاً سيئاً ومتواصلاً !.‏

الفئة التي نتحدث عنها معروفة وليس هناك من يجهلها؛ هي فئة القناصين من التجار يشاركهم الفعل الدنيء والجشع الذي يقومون به فئة طحلبية رخيصة لا علاقة لها بالسوق ولا بالتجارة وقواعدها، وهكذا تستغل الفئة الأولى الثانية، وتستغلان معاً الحكومة والشعب، فتثري الفئة الأولى ثراء فاحشاً غير مشروع في زمن قياسي؛ فيما تعمى الفئة الثانية عن كل منظومات القيم الأخلاقية والمجتمعية؛ وتذهب في الجشع والاستغلال الى أبعد مما تذهب إليه الفئة الأولى .‏

حتى الآن إذا كنا موضوعيين؛ فلا يمكننا أن نهاجم المؤسسات الحكومية؛ ولا أن نتهمها بأنها تقف مكتوفة الأيدي تجاه ما يحصل في السوق، ذلك أنها لم تقصر في السعي لتوفير المواد الأساسية، ولم تعلن انسحابها من السوق؛ ولم تعلن عجزها عن محاولات التدخل بهدف الضبط، وقد فعلت الكثير في هذه الاتجاهات؛ غير أن الجهود التي تبذلها تبددها تلك الفئة الدنيئة وشريكتها الطحلبية وتجعلانها معاً تبدو بلا أثر واضح يمكن تلمسه.‏

هذه ليست سفسطة؛ بل وقائع نعيشها في يومياتنا ولا نفعل شيئاً لتغييرها، وقد بات من الثابت لنا جميعاً أن الدولة تستغل والمواطن يستغل، وكلا الطرفين يعرف من هو المستغل؛ لكن أحدهما لن يقوى على محاسبة المستغل ما لم يتحد مع الآخر وما لم يلعب الدور الايجابي المطلوب منه.‏

مثال: توفر المؤسسات الحكومية مادة ما؛ وتطرحها في الأسواق عبر منافذها.. تتوفر المادة يوماً أو اثنين ثم تغيب وتختفي.. ثم تظهر بسعر آخر غير السعر السابق، كيف حصل ولماذا.. سؤالان من السهل الاجابة عنهما لأن العملية من ألفها الى يائها وقعت تحت نظرنا ولم نشر إلى منفذها؛ ولم نساعد الدولة في الوصول اليه والى مستودعاته والى أدواته التي جندها لتستجر كميات من هذه المادة كمواطنين بينما هم طحلبيون ابتاعوا المادة لاشباع جشع مشغلهم لا لسد حاجتهم لها !.‏

وإذا، الدولة وحدها لا تستطيع السيطرة؛ ولا يمكنها أن تكون في كل مكان على امتداد الزمان؛ ولا يمكنها أن تتعامل مع المواطن بسوء الظن؛ ولا يمكن لنا أن نجعل منها شرطياً؛ بينما نقف كمجتمع- أفراد وجماعات- مكتوفي الأيدي نكتفي بإلقاء اللوم عليها، ومن المعلوم أن جزءاً من دور مؤسسات الدولة الرقابية تلقي الشكاوى والمعلومات، واذا كان ما من أحد سيقوم بهذا الدور، فإنها أيضاً لا يمكنها أن تقوم به وحدها.‏

هذه واحدة من المعادلات غير الصحيحة التي ينبغي تصحيحها؛ ويقع واجب تصحيحها في المقام الأول على المواطن.‏

قد يقول قائل هنا: لماذا لا تغرق الدولة الأسواق بهذه المادة أو تلك فتسحب البساط من تحت أقدام فئة المستغلين، وقد يقول قائل: لماذا لا تتوسع بفتح منافذ بيع خاصة بها مشفوعة بآليات توزيع عادل للمواد فتقطع على المستغل سبل وطرق الاستغلال، ولماذا .. ولماذا ...‏

ويمكننا أن نرد على كل المتقولين بذلك: ان طرح هذه التساؤلات في هذا التوقيت لا يصح لأن الدولة ليست «سوبر مان»؛ ولأنها لا تجلس على كنز لا ينفد، ولأنها توفر هذه المواد بجهود مضنية ومعقدة في ظل الحصار الجائر المفروض، وفضلاً عن هذا وذاك؛ فإن الذين يطرحون هذه التساؤلات يهربون ويتهربون من حمل وتحمل مسؤولياتهم في إسناد الدولة؛ وفي الدفاع عن ذواتهم وحقوقهم.‏

معادلة الدولار معادلة غير صحيحة؛ ويتلمس المجتمع عدم صحتها؛ فهل يقع واجب تصحيحها على عاتق الدولة وحدها؛ أم إن من واجبه أن يسهم معها في فعل التصحيح ؟.. الدولار ينخفض والمواد ثابتة على ارتفاعها بعناد المستغلين؛ أو ترتفع في بعض الأحيان، فلماذا يقف المجتمع موقفاً سلبياً ولا يستخدم حتى سلاح المقاطعة ؟!.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي نصر الله
علي نصر الله

القراءات: 12196
القراءات: 1564
القراءات: 1226
القراءات: 1389
القراءات: 1352
القراءات: 1152
القراءات: 1404
القراءات: 1263
القراءات: 1387
القراءات: 1469
القراءات: 1469
القراءات: 1539
القراءات: 1813
القراءات: 1186
القراءات: 1264
القراءات: 1204
القراءات: 1575
القراءات: 1386
القراءات: 1360
القراءات: 1432
القراءات: 1384
القراءات: 1410
القراءات: 1386
القراءات: 1685
القراءات: 1393
القراءات: 1270

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية