| السنيورة والصدّيق والطائرة بيروت وبالكاد لمحته, لكن هناك من أخبرنا أن الخطاب المتزن لبهية الحريري يحمل بصمة ونكهة سنيورية, وكان الكلام يتقاطع مع انطباعات وقناعات أصدقاء أن الرئيس السنيورة, وهو دون ريب الأقرب إلى رفيق الحريري كان الأعقل والأكثر هدوءاً والأقل اتهاماً فيما كانت مجمل الحاشية تتهم سورية, وانقلب من كان يمالئ فيها ليضحي يوسف بك كرم جديد, وقلنا هذا بديهي فالرجل يقول أنه طالع من قومية عربية ويحفظ بعضاً من المتنبي ويدندن لأم كلثوم, ويحن إلى والله زمن يا سلاحي,وهو لم يبزم عندما كان يفذلك الموازنات لأكثر من عشرة أعوام في ظلال ) الوصاية السورية) . وعندما صار السنيورة دولة الرئيس `قلنا أن الاختيار وقع على العاقل,على مطفئ الحرائق ونار الأحقاد كي يكمل طريق اعتدال الراحل في موازنة نِعَم المال والعروبة والعلاقات الدولية` رغم أن الكتلة التي أتت به رئيساً لم توّفر أحداً من اتهاماتها المضمرة والمعلنة, وبعض أفرادها مع إلمامه البسيط بالعربية تَرْغَلَ أكثر أبو الأسود الدؤلي وجَهر بفحوى تقرير ديتليف ميليس قبل صدوره .لكن رغم تلمسي أن الأمور تسير وفق الهوى الدولي,وما أدراك ما الهوى الدولي, حاولت نفي الشكوك, بيد أنني تشممت رائحة غريبة من كلام رئيس وزرائنا بعد اجتماعه الأول مع المحقق الدولي, وانتظرت حتى مشوار نيويورك حيث أن ال body language , ( لغة الجسد ) خلال لقائه بالطاووسية كوندوليسا رايس ومصافحته لها بيديه الإثنتين على طريقة التحبب الكبير أو الزلفى لإقطاعي أو متنفذ, أثارت انتباهي, وفاح بهار تصريحاته للواشنطن بوست بأن في لبنان اقتناعاً واسع النطاق بأن سورية متورطة ) بشكل ما ) في اغتيال الحريري, ناهيك عن صمته أمام تصريحات المس رايس عن وزراء حزب الله في الحكومة, أما دعوته رئيس الجمهورية للاستقالة فهي تحصيل حاصل قناعات التيار الذي ينتمي إليه, طبعاً دون احتساب لموقف يحتاج إلى توضيح علني ونهائي ولا يقبل التأويلات من سلاح المقاومة,كمثل أنه )شأن داخلي ) بين اللبنانيين, لأن كل شيء في لبنان الآن خارجي, حتى إقامات وبعض جنسيات زعاماته. كل هذا, وأقول إن بعض الظن إثم, لكن ما يحدث في البلد من استباق لنتائج التحقيق, أو لنقل محاولة محمومة من ساسة ينتمون لتياره, تعيدنا إلى كلامه عن ) فحص الدم ) الوطني, إي أن الشهيد الحريري كان يتعرض لحملات تشكيك في عروبته ووطنيته, وهذا ما لن يسمح السنيورة بتكراره, لكن في فؤاد العروبة غصّات من أمريكا, العروبة وال( أف بي آي), ما بتركَبْ, بالدارج اللبناني, فهناك دول تملك خبرات أمنية أكثر من رامسفيلد وهادلي وديك تشيني, ولو كان هؤلاء جهابذة لما حدثت فاجعة 11 سبتمبر ولكانوا خلّصونا من بن لادن والزرقاوي ومن لف لفتيهما أو كشفوا لنا من اغتال فعلاً رفيق الحريري . لنكن واضحين, موقف رئيس وزرائنا, إضماراً وتلميحاً, من سورية قائم على تسريبات من تقرير ميليس, خاصة بعد الحديث عن الصيد الثمين المدعو محمد زهير الصدّيق, فإذا كان الصدّيق طبّاخ التحقيق والدلالة على تورط سورية فإن رائحة المرَق سوف تجعلنا نبكي من الضحك ونترحم على الشهيد الحريري مرتين. و.. إليكم هذه القصة .كان ) العقيد !!) الصديق في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات مجنداً حاجباً عند اللواء وليد عباسي في القوى الجوية السورية, قبل أن يفرّ عدة مرات وينتحل شخصيات ورتب ضباط سوريين. ذات يوم جاء إلى والدته وقال لها البارحة مررت بالطائرة من فوق بيتنا فاستغربت والدته الأمر, فأردف قائلاً أن معلّمه نسي مفاتيح الطائرة على مكتبه فأخذها و)عمل دورة) فوق المنزل ثم أعادها وأعاد المفاتيح إلى مكانها., في اليوم التالي ذهبت أمّ) العقيد )الصديّق إلى زوجة اللواء عباسي لترجوها ألاّ ينسى زوجها مفاتيح الطائرة مرة ثانية على الطاولة... يمكن للسيد ميليس أو للرئيس السنيورة سؤال أهل الصدّيق عن الأمر, أما الشق السياسي فله حديث آخر. إذا كانت الشبهات والمواقف الوطنية والعروبية والتحقيقية تبنى على هذا النموذج في قيادة الطائرات.. فسنطير كلنا من الوطن, أو سيطير الوطن,ومعه بلاد العرب أوطاني .وبلا فحص دم وطني لأنني أعترف بوجود سكر خفيف في سوريتي القومية.
|
|