تراهم يتزاحمون لتصدر واجهاتها وعلى ميمنة وميسرة من تعج الذاكرة الوطنية بأبشع صورها عن تاريخهم وتاريخ آبائهم وأجدادهم الاستعماري البغيض.
هم أنفسهم الذين يزعمون الحرص على دماء السوريين وأمنهم واستقرارهم، تجدهم يرفضون كل دعوات أبناء وطنهم الصادقة من أجل الجلوس إلى طاولة الحوار والاحتكام إلى لغة العقل بعيداً عن أي عصاب سياسي أو ايديولوجي، في لغة تعلو فيها المصلحة الوطنية العليا على أي مصلحة أخرى، وأولويات الوطن والمواطن على مصالح وأولويات القوى الخارجية أياً كانت العناوين التي تختبئ أو تستظل خلفها.
إن الدعوة للحوار الوطني وصولاً للحل السياسي الذي يسبقه وقف لكل أشكال العنف وتجفيف لمنابعه وإغلاق لبواباته هي المخرج الوحيد والآمن لوصول سورية إلى بر الأمان يعقبه فتح صفحة جديدة تتحدد فيها ملامح عقد اجتماعي جديد يكتبه السوريون بأيديهم، ويأتي معبراً عن ارادتهم وطموحاتهم في نظام سياسي واقتصادي واجتماعي يحمل ملامح سورية المتجددة المتفاعلة مع رغبات أبنائها وحقهم في العيش بأمان وحرية وكرامة ورفاه.
إن المعارضة - أي معارضة وطنية- تستمد قوتها من حيزها الاجتماعي الوطني ورصيدها السياسي الداخلي لا من فائض قوة الخارج، لأن حاصله السياسي والمجتمعي سيكون مساوياً صفراً ناهيك عن أثمانه الفادحة على مجريات النزاع وتداعياته على الساحتين الإقليمية والدولية، من هنا تبدو أهمية الدعوة للاستقواء بالداخل على الخارج والداخل هنا هو عملية ديمقراطية واسعة وعميقة وشفافة تعكس خريطة سياسية وبنى ديمقراطية ذات تمثيل صحيح تتساوى فيها الحجوم السياسية مع الحجوم الاجتماعية دونما تقزيم أو تضخيم لأحد.
إن دماء السوريين وأمن الوطن واستقراره وسيادته يجب أن تتقدم على كل الحسابات أياً كانت فكل شيء يمكن تعويضه وأي خسارة مهما كانت جسيمة ومؤلمة يمكن تجاوزها إلا خسارة الوطن والكرامة، فهما في حسنا الشعبي وضميرنا الجمعي متلازمتا الأرض والعرض لافكاك بينهما أبداً مهما اشتد الخطب وغلت التضحيات؟