تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مؤتمر للنسيان

معاً على الطريق
الإثنين 20-1-2014
أنيسة عبود

يقصر الوقت بين جنيف وبين الدم السوري. فهل سيوقف جنيف 2 دمنا الجاري، أم أن المجتمعين سيفاجؤون بدم الشعب السوري يمشي بين الطاولات، غير آبه بالبدلات (السينييه) التي يلبسها الجربا وشلته.؟

سيلطخ الدم السوري قمصانهم.. وسينسكب على وجوههم.. وقد تتطاير أشلاء الأطفال الذين قُتلوا في ريف اللاذقية وحلب وحمص ودمشق وأم العمد فوق رؤوسهم.. مع ذلك لن يخجلوا ولن يرفَّ لهم جفن. فالقتل مستمر والتقطيع مستمر وصور بلطاتهم وسواطيرهم منتشرة على صفحاتهم وهي التي تحكي عنهم وتروي فظائعهم. مع ذلك مازالوا يصيحون بأن ثورتهم سلميَّة وأنهم نزلوا بصدورهم العارية إلى الشارع.. والشارع الذي يتحدثون عنه هو الأوكار التي اجتمعوا فيها مع فورد ومع (عقاب البوم ) وبندر الأميركي والتركي العثملي الخبيث. أي ثوراتهم المزعومة لم تخرج من الظلم ولا من الجوع..؟ هذا يعني أنهم أرادوها أن تكون تابعة وعميلة وتحمل فكراً واحداً؛ هو الفكر التكفيري الوهابي الذي يتبنى مقولة جورج بوش الابن الذي كان يستعد لاحتلال العراق ( من ليس معنا فهو ضدنا)‏

وثوارنا المنافقون طبقوا بالبلطات والقنص والذبح ما قاله بوش القاتل. لكن وعلى الرغم من الشنق والسلخ الذي سيذكره التاريخ - إذا بقي للتاريخ لسان - أن ضدهم كل شرفاء سورية وكل رجالاتها الوطنيين، من كل الأطياف ومن كل المدن. وبدل أن ينكفئ ثوار الناتو بسبب غضب الشارع منهم وانفكاك الناس عنهم، ازدادوا توحشاً ونفاقاً وقتلاً وتدميراً. صار القتل عندهم عادة وتدمير البلاد عبادة.. جوعوا الشعب وقضوا على اقتصاد البلد.. ذبحوا الأم والشيخ والولد.. لم تسلم منهم الأشجار ولا الأحجار ولا البشر.. صارت ثورتهم كالجائحة تصيب البلاد والعباد بالسقم والألم.. فهل هذه هي الثورة التي يدَّعون أنها قامت سلمية لتخليص الشعب من الظلم؟‏

وهل هناك ظلم أفظع من انتهاك الأعراض وذبح العلماء والأطباء وأكل الأكباد؟‏

هل هناك ظلم أكثر من تدمير معامل الأدوية للشعب السوري ونهب المصانع وتهريبها إلى الأعداء؟ لم يحرموا شيئاً حتى سرقة القمح والبترول وأملاك الناس الخاصة. وتمَّ على يديهم تهجير الملايين وبيع نسائنا في أسواق الأردن وتركيا ولبنان لعجائز النفط الخرفين، ثم يتغنون بالإسلام؟‏

عن أي إسلام نتحدث؟ وعن أي قصة نحكي؟ وبماذا نتحاور؟‏

هل نذكرهم بالبحوث العلمية في جمرايا.. أم نحدثهم عن البحوث الزراعية في دوما؟‏

أم نذكرهم بسوق حلب القديم وبالجامع الكبير.. بالمكتبة.. بمذبحة جسر الشغور.. بتفجير محطات توليد الكهرباء.. بتفجير حياتنا وتحويلنا إلى فقراء محتاجين بعد أن كنا نعيش بسلام؟‏

كيف سنتقابل مع هؤلاء؟ كيف نصافح أيديهم الملوثة بدم الوطن. ونناقش سواطيرهم؟ كيف لا نسميهم بالصهاينة.. والله لو أن الصهاينة دخلوا البلاد ما فعلوا أكثر من ذلك.‏

قد يقول قائل نحن سنتحاور ونتسامح.. ولا مبرر لهذا الكلام قبل المؤتمر بساعات قليلة.. صحيح.. ولكن مَنْ يسامح مَنْ؟‏

ومَنْ عليه أن يعتذر لمنْ؟ وهل يكفي الاعتذار والمصافحة كي ننسى؟ كيف ينسى المفتي الشيخ بدر الدين حسون ابنه؟ وكيف ينسى الجامع الأموي شيخه الكبير البوطي؟ أمّا إذا دخلنا في حديث الأمهات فهذا لن ينتهي أبداً..لأن دموع الأمهات ستلعنهم إلى يوم الدين. وإذا تناسى البشر، هل ينسى العاصي الدم الذي خضّبه؟ أم تنسى حلب معاملها وجامعاتها وأسواقها وأهلها. وتنسى دير الزور جسرها المعلق، وتسكت حمص عن شهدائها؟‏

كيف ننسى؟ ساعدونا أن ننسى آلامنا وأحباءنا الذين استشهدوا. ساعدونا ألّا نتذكر مجازرهم !! ألّا نتذكر اغتصابهم وسرقاتهم وتعاونهم مع الفاجرين من العربان. أعينونا كي نمحو صورتهم من ذاكرتنا وهم يحرقون طياري الجيش العربي السوري ويشوون رؤوسهم على الجمر كي يلتهموها.. أو لعلنا ننسى كيف يكبرون على النساء العابرات ثلاث مرات فيصبحن ملكاً لهم..‏

على ماذا سنتحاور؟ قد تتحاور الحكومة.. وقد تسامح الحكومة.. ولكن كيف يسامح الشعب المقهور؟‏

كيف تسامح حلب وعدرا.. والقصير والجوامع والكنائس، كيف يسامح الأطفال التي دمرت مدارسهم وكتبهم والعلم الذي كان يرفرف عالياً وهتاف حماة الديار يوحِّد الحناجر والتطلعات؟.‏

قد نُجبر على التسامح.. ولكن سنتذكر إلى الأبد مجازرهم كما يتذكر الأرمن مجازر الأتراك.. فالحوار لا يكون عادلاً ولا مجدياً إلا عندما يكون بين ندّين وطنيين غير مرتبطين بأميركا وغير قابضين من النفط الوهابي والصهيوني.. لكن هنا في جنيف طرف عميل، وطرف وطني.. رأس مقطوع وساطور مرفوع.. فأي حوار هذا الحوار؟ نحن بحاجة إلى حوار مع الشرفاء كي نهدهد الأرواح المعذبة والقلوب المأكولة.. نحن بحاجة إلى حوار للنسيان، لأن ذاكرتنا مثقلة بالدم‏

فهل يجدي الحوار مع بركة من الدماء؟‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أنيسة عبود
أنيسة عبود

القراءات: 711
القراءات: 856
القراءات: 762
القراءات: 722
القراءات: 768
القراءات: 677
القراءات: 704
القراءات: 908
القراءات: 955
القراءات: 785
القراءات: 763
القراءات: 801
القراءات: 792
القراءات: 879
القراءات: 782
القراءات: 770
القراءات: 763
القراءات: 846
القراءات: 755
القراءات: 905
القراءات: 770
القراءات: 821
القراءات: 900
القراءات: 981
القراءات: 785

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية