وربما لم يرتبط بعد القول بالفعل لنلحظ ترجمة حقيقية لهذا التوجه، وإذا دخلنا بالتفاصيل اليومية لأداء هذه المؤسسة أو تلك لوجدنا إن الواقع يختلف تماما عما يطمح إليه هذا المسؤول أو ذاك الوزير وحتى يخالف رؤية وطموح رئيس الحكومة نفسه...!
بداية نقر بان الأزمة التي ما زلنا نعيش تبعاتها، قد تركت آثارها في بعض المناطق وألقت بظلالها على مختلف القطاعات الاقتصادية والإنتاجية في سورية، وبالتأكيد إن قطاع الاستيراد والتصدير أو ما يعرف بالتجارة الخارجية هو الأكثر تأثرا بما يجري من أحداث بعد قطاعي السياحة والنقل..! ومن هنا نعترف إن حجم حركة الاستيراد والتصدير قد انخفضت وتراجعت كما تراجع غيرها من الإيرادات، ولكن لا يمكن القول أنها انخفضت لأكثر من 50% عما كانت عليه قبل الأزمة لا بل لنفترض جدلا ان تلك النسبة وصلت إلى اقل من النصف، فان بعض المطلعين من أصحاب الاختصاص بالتجارة يؤكدون عدم التزام جميع التجار أو المستوردين بالرسوم المتوجبة عليهم وتسديدها كما يجب ...! أو حتى ان دفعوا فإنهم يتلاعبون حسب هؤلاء المطلعين بالبند الجمركي الخاص بكل مادة أو حتى بالكميات التي قد لا تكون مطابقة للواقع..! وخاصة بعد ان تم رفع وزيادة الرسوم الجمركية بنسبة 30% على بعض المواد التي تعتبر كمالية أو ليست أساسية، وهنا لا نكيل اتهاما لأحد بل نحاول أن نشير إلى ضرورة التشدد بالمراقبة لضبط عمليات الاستيراد غير الدقيقة والتي كان يذهب من خلالها مئات الملايين هدرا من الخزينة العامة للدولة، لتصب في جيوب بعض التجار والمخلصين الجمركيين وأيضا المستوردين...! الذين وبكل أسف نقولها اليوم إن بعضهم ما زال يستمر بنفس الآلية والتفكير، لا بل راح يضاعف نشاطه من منطلق الفرصة باتت مؤاتية هذه الأيام حيث الانشغال الأكبر في جوانب أهم من التدقيق والمراقبة على الاستيراد....! وهنا نقولها علنا: هؤلاء هم تجار الأزمات...تجار الدم الذين لا يختلفون أبدا عمن يحمل السلاح ليضرب ويخرب وليعيث فسادا في ارض الوطن لان من يخرب الاقتصاد والنفوس يسهم كغيره بتخريب البلد...!؟
هؤلاء جميعا يجب مواجهتهم بكل ما أوتينا من عزم، وما التحرك الذي قامت به إدارة الجمارك مؤخرا سوى تعبير عن رفضها لهذا الواقع، عبر توجيه مديريات الرقابة الداخلية ومكافحة التهريب لديها بالتحرك وإجراء تدقيق وكشف ميداني على مختلف الأمانات الجمركية، للتأكد من صحة البيانات الصادرة لديها، وصولا إلى ضبط الهدر الحاصل في الإيرادات التي يتم تحصيلها لصالح الخزينة العامة للدولة، وهنا نتساءل أين نتائج الاجتماع مع مختلف المخلصين الجمركيين الذين هم أساس العمل الجمركي عند تخليص البضائع المستوردة وأين الوعد الذي قطعه هؤلاء على أنفسهم بالالتزام بما تم طرحه بالاجتماع ..!؟
وعلى الرغم من الصراحة والشفافية التي تمت خلال الاجتماع المذكور من ضرورة فتح صفحة جديدة على مبدأ /عفا الله عما مضى /, وعلى الجميع الالتزام بالقوانين النافذة ووضع التسعيرة والقيم وفق القوائم الاسترشادية للبضائع المستوردة، إلا ان شيئا من ذلك لم يتم إلا في حدوده الضيقة وهذا ما يجب مكافحته وضبطه مهما كانت النتائج، لأنه لم يعد مبررا بان التخليص في أمانة حدودية أو بعيدة عن الإدارة قد يسهل التهريب كما السابق، وخاصة بعد الاعتماد حاليا على الرقابة الالكترونية المركزية التي تتيح للرقابة الدخول إلى أي أمانة ومعرفة كل شيء دون علم الأمين أو حتى المدير فيها....! أخيرا كلنا أمل ان يتم التشدد بالمراقبة واعتماد شرائح للمواد المستوردة بعد تخفيض أو توحيد الرسوم الجمركية على كل شريحة ومن ثم مضاعفة العقوبات على المخالفين وعند تكرار المخالفة تطبق أقصى العقوبات بهدف قمع التلاعب ونسفه من جذوره، وهذا جزء من مكافحة الفساد والمفسدين حماية للوطن وللاقتصاد الوطني ...!
Ameer-sb@hotmail.com