سواء ظهرت الولايات المتحدة مباشرة على صفحة الحدث السياسي أو لم تظهر , وبالتالي , لا يمكن للسعودية أو قطر أن تقدم إحداهما على ما لا علم لأميركا به أو على ما لا تريده !
وعلى هذا النحو , لا يمكن الركون إلى تصديق ما يتوهمه البعض من العزوف الأميركي عن التدخل المباشر في المشهد السوري سياسيا واستخباراتيا ولوجستيا , وإلى أن البعض من حلفاء أميركا , الخليجيون خاصة , والذين يدسون أصابعهم علانية في هذا المشهد , يمكن أن يتصرف وفق ما يراه هو وليس وفق ما تراه أميركا , وإذا جازت مثل هذه الأوهام في أي منطقة من العالم , فإنها قطعا لا تجوز في الشرق الأوسط والمنطقة العربية . فما تبحث عنه أميركا في المنطقة وفي سورية بشكل خاص لا تزال تبحث عنه .. وإن اختلفت طرائق الأداء السياسي والدبلوماسي , ومن سخر نفسه تاريخيا كأداة في البحث الأميركي .. لا يزال يسخر نفسه اليوم ولو ظهر كما لو انه وحيد في المشهد .
الحضور الدولي القوي المتمثل بروسيا والصين , والفشل الأميركي المتلاحق في تفاصيل المشهد ويومياته , وخاصة في الميدان السوري , فضلا عن حسابات أخرى من ضمنها العام الانتخابي الأميركي والأزمة الاقتصادية في الغرب عامة وفي أميركا خاصة , إضافة إلى تبدل هنا وآخر مستجد هناك .. كل ذلك يمكن أن يوهم , مجرد وهم , بغياب أو تراجع أو دماثة السياسة الأميركية , لكنه أبدا لا يوهم بمتغيرات سياسية أميركية حقيقية وجادة , فيما يظل المتورطون الأدوات في واجهة المشهد كمن لا يستطيع حراكا دون أوامر , هي لعبة أميركية قديمة حديثة تعطيك من طرف اللسان حلاوة وتروغ لك كما يروغ الثعلب !