وأعرف أيضاً متى تكون الحاجةُ ماسةً إلى امرأةٍ مثل «أورسولا» عرافة القرون الوسطى الشهيرة.
نحن بحاجة إلى من يقول لنا: غداً يوم أجمل... ثمة انفراج يلوح في الأفق بعد إشارتين أو ثلاث! نحتاج لأورسولا القادرة على اكتناه المجهول, والنظر أبعد من أنف كثيرٍ ممن ولغوا في دمنا! نحتاج ربما لزرقاء يمامةٍ.. تقول: لا شجر يتحرك في البعيد فاطمئنوا!
إن كان الشاعر عدنان قرشولي قادراً على الوقوف بين يدي ربه ليقول في قصيدة أسماها «طفل دمشق»: «سألقاك يا رب ويداي لم يلوثهما غير حبر الكتابة..... لقد سلكت في حياتي كالأطفال.. جيبٌ فارغ ورأس ملآن... مجدٌ بدون خبز وأبٌ بلا مال», فما عساهم يقولون أطفال كل هذا الوطن الملون بالألم الأحمر؟!
مازلنا نحن السوريين نجوب البلاد بجيوب فارغة.. ورؤوس متخمة بالأحلام... مازال حبر الكتابة هو وحده ما يلوث أصابعنا.. ولكي نكون صادقين جداً نعترف: ربما غاصت أيدينا أيضاً في تراب الأرض أعمق مما تخيلنا, فنبتت أشجار دائمة الخضرة في قلوبنا..
لكن «بروكوست» قاطع الطريق اليوناني الأسطوري مازال يعيش على أطراف ليلنا وجهلنا, وما زال يضع ضحاياه على سريره الملعون, فيقطع أطراف الضحايا الزائدة عن طول السرير, ويشد أطراف من هم أقصر منه.. وكأن علينا أن نتأقلم وفق طول سريره فقط.. لا أطول ولا أقصر!
أيها العصر «البروكوستي» القاصر لن نكون أناس القوالب والأطوال المحددة, فقامات أطفالنا وأحلامنا أطول.. أطول من سريرك الملعون.
suzan_ib@yahoo.com