اللافت أن منظريها الذين أباحوا لأنفسهم اختراع الأكاذيب واجترارها يمارسون ذلك الدجل على الأميركيين وفق السيناريو ذاته, فيما سياسيها يجدون فيه مخرجا لفشلهم المستمر في كل ما طرحوه من مشاريع بديلة حتى اللحظة, وتعويضا عما أخفقوا به, بسبب الحماقات الكثيرة التي أقدموا عليها .
والخطير في هذا السياق أن يتحول الكذب إلى احتراف يتفوق في مراحل كثيرة على الأداء السياسي الذي طالما عانى من مشكلة الكفاءة في إدارة الملفات التي فتحتها هذه الإدارة, وباتت عبئا ثقيلا يزيد من تأزم موقفها في الداخل الأميركي.
واليوم حين ترتكب الخطأ ذاته, فإن المصداقية الأميركية غير المؤهلة حتى للنقاش على المستوى العام , تواجه مأزق التآكل والغياب, حيث يدرك الجميع أي درك وصلت إليه, بشأن أكاذيبها وافتراءاتها , بما فيها تلك الورطة التي أقر بها باول نفسه, بعد أدائه الكاذب أمام مجلس الأمن.
وحين لا تكتفي الإدارة الأميركية بالكذب والتضليل فحسب , بل أيضا بتسويق ذلك على أنه المقياس أو المعيار للسياسة الأميركية الجديدة في الوقت الضائع, فإن المرحلة الأخطر هي تلك التي لم تأت بعد, وهي تسابق زمن الرحيل من البيت الأبيض.
فتجربة متخمة بصنوف من ذلك الكذب والتضليل ومقترنة باعترافات واضحة وعلنية, تقدم اليوم الفصل الأسوأ من نتاجها في فبركة الأخبار والصور التي تغالط الواقع في كل تفاصيله وجزئياته, تلك الفبركة التي سببت للبشرية ويلات وكوارث, يبدو أنها لم تشبع بعد, نهم منظري الحروب ومهندسيها في التخريب وتفجير الصراعات.