| أسمع جعجعة ولا أرى طحناً معاً على الطريق و(دبليوبوش) الأشدّ بطشاً من هولاكو وهتلر والذي قلنا إنه غرق في رمال العراق قسمنا إلى قسمين: دول ممانعة سماها محور الشر ، ودول معتدلة بارك خطاها . والآن يبدأ الجيش الأمريكي بإخلاء المدن العراقية ، وتتوالى التفجيرات ويزداد عدد الضحايا ، وتزداد الخرائب والجوع والذل وتتجدد اتفاقيات (النفط) ثالث أكبر احتياطي في العالم بعقود إذعان. وإسرائيل لاتزال تتوسع في احتلال الأراضي وقلع الأشجار وإقامة المستوطنات واستحواذ القدس ، ولاتزال تمنع إعادة إعمار غزة ودخول المعونات والغذاء والدواء لجياعها عن طريق البر فتسد المعابر وعن طريق البحر فتردّ البواخر القادمة من لارنكا كما فعلت أمس .. ممعنة في تضييق الخناق على الفلسطينيين وقتلهم جوعاً ومرضاً . والفلسطينيون لايزالون عاجزين عن الاتفاق في تبادل (الأسرى !) وحقن الدماء . وتتنامى الصراعات في أفغانستان ، وباكستان ، والصومال , ولبنان ، وأخيراً في إيران ووسائل الإعلام العربية لاشيء منها سوى النقيق وكأنها تحوّلت إلى ضفادع ودجاج وحجل , مثل زوجة ذاك الرجل الذي دخل البيت متعباً فتلقته متدفقة (فستاني) بدأ يتهرّأ ، وتقدم له الشاي: جارتنا التي فوق أولادها يخبطون الأرض بأقدامهم يثيرون الأعصاب ، وتضع العشاء: جارتنا التي تحت تشاجرت مع زوجها وحردت إلى بيت أهلها ، وترفع العشاء: بائع البندورة غشاش , فقال لها محتقناً: يابنت الحلال أرجوك اجعلي يوماً للنقيق ويوما للراحة . وعاد في اليوم التالي يوم الراحة وإذا بها تردد «بكرة النق» . وسائل إعلامنا العربية لا قوة لها على الأدنين سوى إثارة الأعصاب ولا حظوة لها عند الأعلين إلا كحظوة ذاك الشاعر الذي دخل على الأمير وألقى بين يديه قصيدة جعله أعلى مقاماً من النجوم ، وأشد سطوعاً من الشمس ، وأكثر بأساً من صم الجبال وجلس ينتظر المكافأة فقال الأمير : أعطوه مئة دينار فتهلل وجه الشاعر ، قال اجعلوها ألفاً فزاغت عينا الشاعر . قال أما وإنك قد ابتهجت اجعلوها عشرة آلاف وعندما خرج الشاعرلم يعطه أحدٌ شيئاً فعاد إلى الأمير يشكوه قال الأمير «ياهذا سررتنا بكلام فسررناك بكلام مثله أما أن يكون كلامك بدنانير فهذا والله إجحاف» . أصبحت حال المواطن العربي شبيهة بحال الشاعر قيس بن الملوح (مجنون ليلى) كأن فؤادي في مخالب طائــر إذا ذُكرتْ ليلى يشدّ بها قبضا كأن فجاج الأرض حلقة خاتم عليّ فما تزداد طولاً ولا عرضا والأنفاس تحتقن في الصدور ، والقلوب تضخّ ماء بدل الدماء ، والبيئة تلوثت بالقنابل (الذكية) التي ملأت الأثير بسمومها ، هذا فوق التصحّر وشحّ المياه ، وغلاء الأسعار وتدني الدخول . ولانزال نحن العرب لامتفقين ولا مختلفين ولانتقن فنّ الاتفاق ولا فن الاختلاف مفتونين بنفوسنا نمشي على الأرض مرحاً وكأننا الأقفاص المخلعة . anhijazi@gmail.com
|
|