تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بلادنا المسافرة

معاً على الطريق
الاثنين 9-4-2012
أنيسة عبود

هل كنت تظن أن تعيش إلى الزمن الذي تخاف فيه من ذاكرتك ؟

لماذا تعيد قراءة الماضي الموجع ؟ الخلاص ليس بالقراءة ..الخلاص بالتأمل لهذا الماضي , ثمّ الخروج منه دون أن تجرّه معك أو يجرك إليه .‏

.......................................................‏

الحفر في الذاكرة واسعة ..وقليل من الشرود يوقعك في الحفرة ..لا تصدق الذئاب التي تمد يدها لترفعك ..إنها جائعة قد تلتهمك بعد قليل ..وبعد قليل ستضيع اسمك وتصير رقماً في فنادقهم ..لكن بماذا وكيف سترد على أحفادك حين يسألونك عن العناوين القديمة ..وعن هويتك الحضارية ؟ ماذا ستقول للمدينة التي كبرت فيها ثم حطمتها ؟ ماذا ستقول للتاريخ الذي أعطاك اسمك و حمّلك وزر أرض مقدسة كي تصونها؟ ..قد تسألك الرياح ماذا قدمت للأشرعة ؟‏

..........................................................................‏

وأنت ...ماذا ستقول لنفسك عندما تخلد للنوم ؟ هل ستنظر إلى يديك ؟أم ستنظر إلى وجهك في المرآة ؟‏

أعتقد أنك لن تعرف نفسك ..ها أنت شخص آخر ..شخص بلا هوية ولا ذاكرة ولا تاريخ ..فارغ قلبك من الحب ومن الشفقة ..فارغة شرفتك من ضجة الحارة ومن رحيق الحياة ؟ فكم قرناً ستبقى بلا هوية ..وكم ستبقى بلا تاريخ ..؟‏

صدق ..المال لا يصنع هوية ..والرصاص لا يصنع رجالاً ..أين عقلك , من أخذه وباعه في سوق الغرباء ..والغرباء كثر وخاصة عندما يقع المرء ..فهل تحب البقاء في الحفرة .؟‏

............................‏

ما أكثرهم الذين يحبوننا ..لم يتغيروا منذ سنة ..ظلوا على حبهم لنا .. أصدقاؤنا الأعداء .. أرسلوا المال ..وصاغوا الفتاوى ..وتحدثوا عنا ..وبكوا علينا وهم في فنادقهم ويخوتهم ..ونحن مع دمنا وصراخ أمهاتنا ..وإباء ترابنا ..لكنهم ظلوا على محبتهم ..فأغلقوا علينا السماء والماء من شدة الحب ,,وهاهم اليوم يرسلون السلاح كهدايا قيمة لنذبح أهلنا وأنفسنا ..ولندمر وطننا وتاريخنا ,فندخل في سايكس بيكو جديد ..تزداد الأسماء والخرائط تتلون ولكن الهوية تضيع ..فكيف سنلاقي وطننا ؟ وكيف سنلاقي أحبتنا إذا ما ضاعت هويتنا في الحفر وتحت الجدران العالية ؟‏

............................................‏

هل تعرف ؟‏

الإنسان بلا هوية إنسان بلا وطن ..ومن كان بلا وطن هو بلا كرامة ...وتاريخنا العربي وديننا حضّنا على التمسك بكرامتنا وعزتنا وتراب وطننا ..فماذا تفعل أنت وماذا يفعل الأعراب بنا ؟ هل تعي ( فوك نفخ ويداك أوكتا ) ؟‏

............................‏

أتعرف ؟.. ما أجسرنا ...سيف الغرب يحزّ رقابنا ونحن نبتسم له ونصدق بأنه العالم المتحضر ..ونتحدث عن إنسانيته وديمقراطيته ..وصدقه ..وكأن هذا الغرب ليس هو الذي نهب خيرات بلادنا ؟ وليس هو الذي اغتصب العراق ودّمر ليبيا ومزق السودان ؟ وكأنه ليس الذي شتت شملنا وقسمنا إلى بلدان وإمارات وسلطنات ؟ وليس الذي قتل الملايين من الشعب العربي خلال عقد واحد من الزمن دون أن يرف له جفن ..‏

في الغرب ينتصرون للحيوانات ويشكلون الجمعيات الخيرية من أجل الكلاب والقطط .وفي الغرب يبيعون ويشترون بدمنا ..بكم كيلو الدم ..بكم كيلو الرؤوس ؟ وبكم تبيع وطنك ..؟هل تفي الأسلحة والدولارات بالغرض ..أم تريد كرسياً مثل كرسي الغنوشي ؟.أم ....‏

.تسيل دماؤنا على نوافذ الغرب ولا يراها ..لكنه يرى دماء الكلاب الضارية ويسمع مواء قطة بردانة ..هو الغرب الإنساني الذي تبكي على كلابه ( بريجيت باردو) ولا يعنيها الطفل السوري المذبوح في حضن أمه ؟‏

يريدوننا دويلات مفتتة ..متناحرة طائفياً وعرقياً ومذهبياً ؟‏

يريدون نفطنا وتاريخنا وحضارتنا ..يريدوننا حراساً لحائط المبكى ..فماذا نريد نحن ؟‏

...................................‏

قف أيها الدم المتدفق من عروقنا إلى عروق الأرض ..قف أيها الألم ..ماتت الورود التي زرعها أجدادنا ..وبكى الغار على التلال ,أرواح السوريين تتمشى في الفضاء..تملأ الكون صلاة من أجل بلاد لا تجرها نوقهم ولا بغالهم ولا تأكل من بترولهم ..نحن شعب يقود الخيول الأصيلة .ويسير نحو الشمس حاملاًفي قلبه سورية وفي روحه سورية ..لذلك لن تصل يد الطغاة ولا سيوفهم إلى نحرها .‏

........................‏

أتعرف ؟ هل تشعر مثلي بأن بلادنا مسافرة ؟‏

لقد طال سفرها وطال غيابها ..( وما كان للسفر داع )‏

عودي يا سورية اشتقنا إليك ..عودي لنشرب القهوة معاً كل صباح ..حولنا التاريخ وفي يدنا الحكايات القديمة , نتحدث عنك ..وإليك ..نعاتبك ,وتغضبين منا ..لكنك تبقين حبنا الأسمى .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أنيسة عبود
أنيسة عبود

القراءات: 634
القراءات: 739
القراءات: 686
القراءات: 640
القراءات: 659
القراءات: 607
القراءات: 625
القراءات: 824
القراءات: 872
القراءات: 709
القراءات: 687
القراءات: 708
القراءات: 708
القراءات: 799
القراءات: 705
القراءات: 705
القراءات: 691
القراءات: 775
القراءات: 686
القراءات: 833
القراءات: 695
القراءات: 744
القراءات: 834
القراءات: 909
القراءات: 704

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية