العام الماضي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أو في لقاءات القمم الثلاثية مع كل من روسيا وإيران أو غيرها من اللقاءات الدولية، حيث تعلن تركيا التزامها الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية وكان آخرها التوقيع على محضر الجولة الثالثة عشر لمنصة آستنة التي عقدت في الأول والثاني من آب الجاري، إذ ذهبت التصريحات إلى حدود بعيدة من التفاؤل بإمكانية المضي في تنفيذ اتفاق خفض التصعيد في محافظة إدلب ليظهر سريعاً خلاف ذلك على الأرض من خلال استمرار المجموعات الإرهابية بعدم الالتزام بالاتفاق وخرق الهدنة في ظل عملها تحت مظلة الاستخبارات التركية وهي تدعمها وتقدم لها المعلومات اللازمة وتشرف على جميع أعمالها العدوانية.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد المتوقع، فقد عادت نغمة المنطقة العازلة للظهور بنشاز كبير بعد الإعلان عن اتفاق بين واشنطن وأنقرة في هذا الشأن والعمل على سرعة التنسيق لتطبيق بنود هذا الاتفاق، الأمر الذي يعيدنا إلى بدايات العدوان الإرهابي على سورية والتنسيق المتقدم فيما بين الولايات المتحدة الأميركية وتركيا ودول الخليج والتنظيمات الإرهابية قبل اكتشاف خطأ تقديراتهم وعدم معرفتهم بسورية وحقيقتها المجتمعية، وهم اليوم يعاودون اجترار الأوهام بذات الأسلوب يحكمهم الوهم بإمكان تحقيق ما عجزوا عن تحقيقه باستخدام أقذر الوسائل على مدى أكثر من ثماني سنوات ونصف.
الاتفاق الأميركي التركي بشأن المنطقة العازلة المتوهمة لا يعدو كونه محاولة يائسة في فترة حرجة يواجهها أردوغان في الداخل التركي توافقت مع مخطط ترامب لاستعادة جنوده قبل بدء الحملة الانتخابية للرئاسة واستبدال القوات متعددة الجنسية وربما قوات تركية مضحياً بأدواته من عصابات قسد الإرهابية وشخصيات مسد من سياسيين ارتضوا لأنفسهم بيع ضمائرهم وولائهم لواشنطن والغرق في وعود لم يتحقق واحد منها في أي بقعة من العالم.
الحسابات الأميركية والتركية لا تدرس الواقع ولا تحسن التقديرات وهي محكومة بالمصالح الآنية لكل من ترامب وأردوغان الباحثين عن مخارج كبرى لهما، وهذا ما شكل عامل التقاء مرحلي أنساهما الحقائق الموجودة على الأرض، تلك الحقائق المتمثلة في الشعب العربي السوري وجيشه الباسل، بما تم إنجازه من انتصارات على الإرهاب غير خاضعة لمقاييس ومعايير مشهودة، وهي العامل الأساس في المعادلة التي لم يحسب حسابها كل من ترامب وأردوغان.