ومثالها الحي اللغط المتداول الىوم حول ما يسميه البعض ملف المفقودين اللبنانيين في السجون السورية, وذهاب البعض الى حد المقارنة مع المعتقلين والاسرى في السجون الاسرائيلية, وغرق البعض الآخر لحد الخلط بين الوهم والحقيقة.
واخر الرقص كان توصية الامم المتحدة لهذا الملف, في موقف يثير الكثير من التداعيات السياسية المرتبطة بالبعد التأويلي للاحداث, والذي غابت معطياته, وتحركت الاصابع لتقول ما لا يتوافق مع العقل الانساني, ولا مع شرعة الامم المتحدة.
ويضاف الى ذلك التغييب المتعمد لحقائق الماضي القريب والبعيد, والذي ما زالت فصوله تتالى تباعا, وفي المقدمة محصلة الحرب الاهلية التي انتجت ملف اولئك المفقودين, وانتجت غيره العشرات من الملفات التي سيكون صعبا على الامم المتحدة فتحها أو التفكير في استرجاعها, وهي التي ادارت, كما العالم, ظهرها لها, ولم تحرك ساكنا لوقفها.
في حين سارعت سورية لتلبية نداء اللبنانيين دون سائر دول العالم ومنظماته ووقف تلك الحرب المدمرة, ودفعت في سبيل ذلك الكثير من التضحيات من حياة ابنائها, وقدمت كل جهد ممكن الى ان وضعت حدا لها.
والىوم حين تستجيب الامم المتحدة لاصوات موتورة, وفئات اضاعت بوصلة اتجاهها, تدخل بوابة يصعب حصر الابعاد الكثيرة التي ستنتج عنها, وثمة الكثير من الادلة التي تذهب في هذا الاتجاه, سيكون الحديث عنها مختلفا ومتباينا, ولاسيما لجهة الدلالات التي تنطوي علىها.
ان الحقيقة التي يجب ادراكها من الجميع هي ان القضية مرهونة بتداعيات حرب اقتتل فيها اللبنانيون في وضح النهار, ومارسوا الاغتيال والاختطاف والتغييب القسري الذي عانى منه جميع اللبنانيين, وهناك عشرات الملفات التي ما زالت عالقة لم تحسمها حتى عمليات العفو عن المجرمين الذين مارسوا القتل العمد بهدف استمرار الحرب المرفوضة.
وقد أدمت تلك الحرب قلوب السوريين قبل غيرهم, وعانى منها السوريون, كما لم يعانيه غيرهم, وتم بحث المفقودين بين الجانبين السوري واللبناني أكثر من مرة, وقدمت سورية كل المعلومات المتوفرة لديها.
لذلك كله لم يعد مقبولا أن يتاجر البعض بالمناخ الدولي لرتق ثقوب الخطيئة التي يمارسونها ببعد انساني, لا أحد يرضى بالاسطوانة المشروخة التي تستجير بألم الآخرين لتبرير المغالطة التاريخية الكبرى التي ينجرون وراءها بذيول من الشبهة في تعميق المأزق الذي يقودون الشعب اللبناني الىه.
ولذلك أيضاً لا أحد يحق له الحديث بالصيغة تلك, وخصوصاً من مارس القتل والاغتيال والخطف, ومازالت شوارع بيروت وأزقتها تشهد ذلك الكم من الدموية التي عصفت بالحال اللبناني بفعل ممارساته, والتي أدت كما يعرف الجميع للغرق في مستنقع دموي دفع لبنان ثمنه غالىاً.
لقد أضحت بعض الممارسات شكلاً من أشكال الفجور السياسي, والسكوت علىها لم يعد مقبولا, أو وارداً خصوصاً عندما تتحول تلك الممارسات الى سوق للدعاية السياسية الممجوجة, أو حين تتحول الى صيغة من صيغ العبث بالمسلمات.
وفي هذا المنظور كل الأسئلة المؤجلة ضرورة, وكما هي الاجابة مرهونة بحدود الاستجابة, فإن الأسئلة لابد أن تحرك ذلك السطح الراكد الذي يخبئ تحته الكثير من العواصف والكثير من الهياج.