تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


رسالة إدلب

افتتاحية
الاحد 26-1-2020
علي نصر الله

في لغة الواقع هناك ما يتجاوز النظرية، ويَرقى إلى القاعدة التي تقول: العاجزُ عن الفهم لن تتغير أحواله، سيَبقى عاجزاً مهما تكرر الأمر معه مرةً بعد مرة.

وفي السياسة هناك ما يُفيد بأن العاجز عن امتصاص الهزيمة مرة سيُهزم أخيراً، ذلك حتمياً سيَقع، ولكن ربما بتكلفة أكبر وأعظم، بما لا يُقارن مع حالات أخرى يكون المَهزوم فيها أقل وهماً وأكثر قابلية للفهم والاعتبار.‏

اللص أردوغان لم يَفهم رسالة حلب، لم يَفهم كل الرسائل التي أتت بعد حلب، وتلك التي سبَقَتها، ولو لم يكن عاجزاً عن فهمها لكان فهم رسالة إدلب الحالية قبل الشروع بكتابتها انطلاقاً من ريف حماة، واستفادة من تجارب الماضي، أهمها رسالة حلب!‏

وحده أردوغان لم يفهم؟ أم معه آخرون يُعززون أوهامه فضلاً عن تَعزيز حالة الإنكار؟ وإذا كان الواقع يُشير فعلياً إلى أنه لا يبدو وحيداً في عدم الفهم، وبعَدَميّة القدرة على امتصاص الهزيمة مرة بعد أخرى، وهو ما سيُوصله ومن معه إلى الهزيمة الكاملة، فإنه - وبقية الشركاء - بالتأكيد يُسيء التقدير لجهة حجم التكاليف التي سيدفعها فاتورةً لحماقات قديمة يُراكم عليها حماقات إضافية اليوم في إدلب.‏

الإدارة الأميركية لا تَبتعد، بل هي في عُمق المَشهد بصفتها مركز القيادة والتحكم، الفرقُ بينها وبين من تَستخدمهم أدوات في مشروعها الإرهابي هو أنها لا تريد أن تفهم، ولا تريد الاعتراف بالعجز والهزيمة، يَهيأ لها أنَّ ما لم يتحقق لها اليوم سيَتحقق غداً، ذلك بتفعيل الخطط البَديلة، وبمُحاولة استنزاف أدواتها عبر تَكليف جديد، ومن خلال اجترار تَوزيع آخر للأدوار.‏

النتيجة واحدة، العاجزُ عن الفهم لن تَتَغير حاله، والعاجزُ عن امتصاص الهزيمة سيُهزم أخيراً، وإنّ من لم يفهم أنّ مسار أستانا الذي انطلق في مثل هذه الأيام من 2017 لن يتوقف، ولن تُعطله حركة بهلوانية هنا أو مُحاولة تسويف أو تنصّل أو مُماطلة هناك، مَحطاته ستَكتمل، وستَنتهي المُهل الزمنية والفُرص التي يُتيحها، وبعدها ربما ستَفهم أطراف منظومة العدوان مُتأخرة أن رسالة إدلب ستكون الرسالة ما قبل الأخيرة التي تُصاغ بالجدية وروح المسؤولية لتَضع نهاية مُماثلة لمنطقة الجزيرة.‏

الطريقُ إلى المَعرّة لا يَختلف عن الطريق إلى التنف، قد يَتقدم أحدهما على الآخر، لكن دائماً لاعتبارات تُحددها سورية بتقدير حكيم للمَوقف، بالتعاون مع حلفائها، ووفق حركة واثقة تُجيد ترتيب الأولويات، تُمسك المُبادرة، وتَنتزع من العدو الأوراق، لتُضيفها إلى رزمة الأدلة وقرائن الإدانة ضده، قبل أن تَجعلها تحترق وتتحول رماداً.‏

بَواسل جيشنا العربي السوري اليوم في ريف محافظة إدلب الجنوبي الشرقي، وغرب حلب لا يَكتبون فقط بالثّبات والتضحيات حروف السيادة ومَعانيها المُعتملة برسالة إدلب، بل يَخطّون بالدم والبطولة رسالة الوطن التي لا يَفهمها إلا الأحرار الشرفاء، والتي لا أهليّة لترامب وأردوغان وأمثالهما على فَهمها طالما بَقي العجز مُسيطراً عليهما، والرأس منهما مَملوء بالوهم والحماقات.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 علي نصر الله
علي نصر الله

القراءات: 12372
القراءات: 1652
القراءات: 1307
القراءات: 1474
القراءات: 1427
القراءات: 1251
القراءات: 1487
القراءات: 1358
القراءات: 1470
القراءات: 1557
القراءات: 1564
القراءات: 1630
القراءات: 1899
القراءات: 1272
القراءات: 1348
القراءات: 1291
القراءات: 1664
القراءات: 1477
القراءات: 1431
القراءات: 1514
القراءات: 1469
القراءات: 1495
القراءات: 1467
القراءات: 1779
القراءات: 1478
القراءات: 1355

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية