هكذا يصبح كل شخص فينا ذاكرةً تأريخية, وأرشيفاً ليومياتٍ ستؤثر لاحقاً, وكثيراً, على مستقبل الوطن, خاصة أولئك الذين عايشوا الأحداث في المناطق الساخنة, وتلمّسوا نبضها بقربٍ شديد.
لكن الذواكر لن تُنتج مقولةً واحدة- وهذا طبيعي- وهنا سحر التاريخ الشعبي المفارِق للتاريخ الرسمي بمقولته وحقيقته الوحيدة.
ثمة ولع أحمله معي, إنه التصوير بمستويين: تصوير بالكلمة وآخر بالكاميرا, لكن أن تحمل الكاميرا اليوم وتلتقط صوراً من وجهة روحك يعني أنك تغامر, وأن ثمة راصداً يهدد بكسرها وخاصة في المناطق الساخنة (وهذا ما جرى معي شخصياً).
حسنٌ.. من يوثّق اليوم لما يجري؟
في اليونان التي تشهد أزمة اقتصادية واجتماعية حادة, يقف المصور الأثيني بانوس كوكينياس،
ليشحن كل لحظة التقطتها عدسته بنفس ساخر, ويقول: «لا أستطيع غض الطرف عما يحدث حالياً في اليونان. لكن اتجاهي إلى السخرية من الذات، يساعد على خلق صورة شخصية عن الذات وتشجيع الناس في اليونان على القيام بالنقد الذاتي».
أما الروائي الألماني الأشهر- إلى جانب غونتر غراس- «مارتن فالزر» فقد وجد منذ زمن بعيد أسلوبه الخاص في السرد الأدبي وبدأ بتصوير الحياة اليومية عند الناس العاديين في ألمانيا، لذلك أطلق عليه النقاد فيما بعد لقب «موثق الحياة اليومية». وعلى نحو مماثل وصف الرئيس الألماني السابق «هورست كولر» أعمال «مارتن فالزر» بأنها «تاريخ للتطور النفسي لجمهورية ألمانيا».
بعد وقت ما, سوف يؤرشف الأدب والفنون كل ما جرى في سورية, وستكون القراءات كثيرة ومتنوعة وربما متضاربة, وهذا سيشكل نقلة نوعية في ممارسة الحرية الفكرية والنقدية التي نؤمّل الوصول إليها.
إنه التأريخ الموازي الأكثر اقتراباً من الأرض والناس.
suzan_ib@yahoo.com
">
suzan_ib@yahoo.com