ولا نبالغ إن قلنا إن هذه المشاعر كانت هي الأكثر حضوراً عند الإعلان عن تكليف رئيس حكومة جديد بسبب الظروف الاستثنائية التي تمر بها بلادنا وانعكاساتها السلبية على حياة المواطنين ومستوى معيشتهم وغيرها من أمور تتعلق بالأداء العام والخدمات العامة ودورة الحياة العادية ؛ولعل المتابع للشأن العام يلحظ أن ثمة تفاؤلاً واضحاً عند الكثير من المواطنين بتكليف الدكتور رياض حجاب رئيساً للحكومة لعدة أسباب منها أن ثمة تغييراً في قواعد اللعبة من حيث الاختيار الذي كان محكوماً إلى حد ما بتقليد معين من حيث المكان، والأمر الآخر وهو الأهم مواصفات الشخص المكلف وسيرته الذاتية ومهامه وكفاءته وسمعته واختصاصه وحضوره الشعبي وكلها نقاط إيجابية لمصلحة المكلف من وجهة نظر الكثيرين أو على الأقل ممن استمزجت آراؤهم.
ولكن السؤال الأهم من وجهة نظرنا ترى هل ستنسحب ذات المعايير في الاختيار على باقي أعضاء الحكومة لتأتي حكومة متجانسة وذات اداء متشابه ومتناغم ومنسجم يمكنها من الاضطلاع بمهامها ومواجهة التحديات التي تواجهها، وهي بلا شك كبيرة وجسيمة، أم إن اعتبارات ومعايير اخرى ستتحكم في بعض عناصر الاختيار ولنكن أكثر دقة وشفافية، هل المطبخ السياسي أو الحزبي الذي كان يرشح اعضاء الحكومات السابقة سيكون هو ذاته؟ وهل ستبقى ثقافة التكليف بالمهام العليا هي هي ولاسيما أنه بعد مضي عدة أيام على تكليف رئيس الوزراء الجديد بدأت تتسرب بعض المعلومات مفادها أن النمط التقليدي الوصائي مازال يوحي على الأقل بأنه هو لا غيره المعني بالترشيح بالرغم من كل الذي حدث وخاصةً بعد إقرار الدستور الجديد للبلاد وما حمله من تغيير بنيوي في طريقة وآلية الاختيار، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن السيد رئيس الجمهورية هو الذي يعين رئيس الوزراء والوزراء بحسب الدستور النافذ ولكن الكل يعلم أن تعيينهم يتم بناء على ما يتم تقديمه أو ترشيحه للسيد الرئيس من الجهات المعنية أو المكلفة ذلك وفي مقدمتهم رئيس الحكومة المكلف.
إن الإحالة بالترشيح للنمط التقليدي بآلياته ومعياريته لم يعد يجد ترحيباً في كثير من الاوساط الشعبية والرسمية وغيرها قياساً على تجارب سابقة لكونها لم تعط النتائج المرجوة ولم تنتج الحالة او الأداء الذي تستلزمه المرحلة وخصوصيتها وثقافتها السياسية واهمية الانعتاق من الحزبي إلى الوطني، وهذا تطور مهم في الحياة السياسية السورية باتجاه تعزيز وترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص والكفاءة والمواطنة الحقة على قاعدة التغيير في قواعد اللعبة مع الحفاظ والتمسك بقواعد الدستور المبنية أساساً على معايير وطنية.
لقد جرت العادة أن يحيل المواطنون وغيرهم ممن يهتمون بالشأن السياسي الى مخبرالتحليل كافة الاسماء التي تكلف بمهام قيادية ليكتشفوا معايير الاختيار ويروا إلى أي مدى جاءت منسجمة مع العناوين الإصلاحية انطلاقاً من معرفتهم بإمكانات وقدرات وكفاءة القادمين الجدد، وعلى ضوء نتائج المخبر الاجتماعي الذي لا يمكن لأحد أن يخضعها لشروطه تتشكل الكثير من المواقف وتتعزز أو تتراجع الكثير من الآمال والطموحات.
khalaf.almuftah@gmail.com