الأمر الذي دفعهم إلى مراقبة التطورات على الأرض ورسم السياسات بما يحول دون وقوع هذا الضرر أو يقلل منه وليس العمل إلى حقن دماء الليبيين من الجانبين كما يدعون.
وكان من الطبيعي والواجب أن تتدخل الجامعة العربية لمنع وصول الأوضاع في ليبيا إلى هذه المرحلة الخطيرة منذ اليوم الأول لكن كالعادة أصابها الصمت ولم تتحرك حتى أصبحت الأمور خارج السيطرة على الرغم من معرفتها بالوضع الليبي وربما لو تحركت من اليوم الأول للأحداث لما وصلت اليوم إلى طلب العون من مجلس الأمن أو من الآخرين.
ما صدر بالأمس عن الجامعة العربية حول ليبيا عبر الطلب من مجلس الأمن الدولي بفرض منطقة حظر للطيران العسكري رغم صداه الشعبي يحمل بين طياته مخاوف عديدة على أمن واستقرار ليبيا وذلك بالنظر إلى الصراع الغربي على تقاسم كعكة ليبيا النفطية وغيرها وبنفس الوقت ينطوي على أمور ايجابية من شأنها إنهاء الاشتباكات القائمة على الساحة الليبية وإيقاف نزيف الدم المستمر منذ أكثر من ثلاثة أسابيع.
ومن جانب آخر يشكل هذا التوجه العربي اختبارا لمجلس الأمن في لعب دوره الأساسي بحفظ أمن واستقرار الدول وهو فرصة لاستعادة ثقة العرب المفقودة فيه بعد تاريخ طويل من تجاهل المصالح العربية.
إن الخروج من هذا المأزق وتفادي التدخلات الخارجية في الشأن الليبي إضافة لوقف إراقة الدماء يتوقف على قرار ليبي يقضي بضرورة الاستجابة للمطالب الشعبية ورسم مستقبل ليبيا بأيدي ابنائها وعدم ترك الأوضاع تتجه نحو مزيد من التأزم وبالتالي فقدان السيطرة عليها وافساح المجال أمام الطامعين بثروات ليبيا للانقضاض عليها تحت ستار حماية الشعب الليبي.
لقد اضاف العرب إلى سجلات عجزهم رقما جديدا سيضيف أعباء جديدة على محاولاتهم للعودة إلى استعادة دورهم ووزنهم الذي يتناقص باستمرار على حساب زيادة قوة ادوار الآخرين.
فما صدر عن الجامعة ليس مؤشرا على قرب استعادة الدور العربي ولكن لا يجب أن يدفع العرب ذلك إلى الصمت ومراقبة ماذا سيفعل مجلس الأمن الذي تهيمن عليه القوى الكبرى بل إلى التصدي بحزم لأي محاولات تدخل خارجي لا يخدم مصالح الشعب الليبي وأمنه واسقراره ووحدة أراضيه.