غير أن ما لم يتم لحظه بعناية كافية حتى الان هو وجود بعض الاختلافات بالفعل بين هذا البلد العربي أو ذاك سواء لجهة اسلوب الاحتجاجات أم طبيعة التكوين الداخلي للمجتمع. وبينما تتم بسلاسة نسبية عملية انتقال السلطة في كل من تونس ومصر، فان الوضع يبدو مختلفا بشكل جلي في بلدان أخرى شهدت وتشهد معارضات للنظام القائم، مثل ليبيا واليمن والبحرين.
ففي ليبيا حيث التكوين العشائري للمجتمع، سرعان ما انقلبت المظاهرات السلمية إلى صدامات مسلحة بين أجهزة السلطة والمعارضين، ليتحول الامر إلى صراع مسلح على السلطة بعد ان شكل المعارضون مجلساً سياسياً وكتائب عسكرية، وباتت البلاد مقسومة إلى شرق وغرب، ومفتوحة على احتمالات التدخل الخارجي، الذي يقول كلا الطرفين المتصارعين انهما يرفضانه، بينما تستدعيه وتدفع اليه تصرفاتهما التصعيدية على الارض.
وكذلك في اليمن، حيث يحتشد إلى جانب فريقي السلطة والمعارضة، قوى شعبية وعشائرية، ما يجعل الحسم متعذرا، ويطيل أمد الازمة إلى أمد غير معلوم. وكان الوضع مشابها أيضا في البحرين، حيث انقسم المجتمع إلى حد ما على اساس مذهبي، وان كانت بعض شعارات الاصلاح والتغيير رفعتها مجمل قوى المعارضة على اختلاف مذاهبها.
اذا، نحن أمام حالات قد تتشابه في مطالبها السياسية والاقتصادية التي تتمحور حول الاصلاح والديمقراطية، لكنها تختلف في تركيبتها الداخلية، ما يجعل الصورة أكثر تعقيدا، وبالتالي ما يصح هنا، قد لا يصح هو نفسه بحذافيره هناك، ويصبح تاليا لزاما على كل بلد عربي أن يبحث عن صيغته المثلى للتغيير والتطوير دونما تقليد أو محاكاة في غير محلها .