تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


في فلسفة الحكم..!

إضاءات
الأثنين 14-3-2011م
خلف علي المفتاح

ما جرى ويجري في وطننا العربي الكبير يستدعي الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام ، والسؤال هو: لماذا يقع بعض الحكام العرب في الأخطاء القاتلة والسياسات الفاشلة

التي توصلهم إلى نهايات غير سعيدة يدفعون وتدفع الأوطان ثمنها غالياً من أبنائها وثرواتها ومستقبلها وسمعتها الدولية؟ والغريب أن الحاكم الذي يصل إلى السلطة وهو أقصى طموح لأي إنسان لا ينظر إليها على أنها مسؤولية وأمانة وخدمة عامة وإنما هدف يسعى إليه لاكتساب المزيد من النفوذ والمال والجاه بمعنى أن السلطة تتحول إلى تسلط فردي ومشروع اقتصادي وسياسي للحاكم وملحقاته.‏

إن تفسير سلوك الحاكم يرتبط إلى حد كبير بالآلية التي يصل من خلالها للحكم والفلسفة التي يستند إليها في إدارته لشؤون البلاد، وقديماً قالوا: «قل لي كيف تصل إلى الحكم أقل لك كيف تحكم» فالوسائل والأساليب المتبعة للوصول إلى السلطة تحدد إلى مدى كبير الأسلوب الذي يتبعه الحاكم في مباشرته لسلطته ،وإن كان ثمة استثناءات لذلك تحدث في دول لا يمكن الوصول للحكم فيها عبر آلية ديمقراطية فيتم اللجوء للثورة لتكون الوسيلة لذلك وما إن يستقر لها الحال حتى تنطلق إلى شرعية دستورية تنظم آلية انتقال السلطة عبر الإرادة الشعبية المكرسة في دساتيرها.‏

إن قراءة أسباب ما حدث في مصر وتونس وما يجري في دول أخرى يشير إلى أن القاسم المشترك لأسباب تلك الثورات يتلخص في أربعة أسباب رئيسية وهي الفقر والفساد وضعف الديمقراطية والسياسات التي لا تنسجم مع نبض الشارع ولا تحترم مشاعره ووجدانه وقيمه وهذه العناصر الأربعة أو المحظورات يمكن لأي سلطة ألا تقع فيها إذا أدركت أنها تكتسب شرعيتها بقدر ما توفر لمواطنيها حالة الاستقرار والنماء، ولو توسعنا قليلاً في المفهوم لأمكننا القول: إن الزعامة السياسية لأي قائد لا تتحقق بما يضفيه على نفسه من ألقاب أو تسميات سياسية وحسب، وإنما هي إرادة وقبول شعبي يتحقق بقدر ما يلبي من أماني وطموحات شعبه وقدرة على تمثلها قولاً وفعلاً.‏

إن الاستهتار بالجماهير والتقليل من دورها وتحويل ذلك إلى سياسة ونهج يحول تلك الجماهير من جماهير غفيرة تصفق إلى جماهير غير غفورة ترفض وتلعن وتسقط الحاكم أياً كانت قوته وجبروته ولعله الدرس الأهم ما حدث في تونس ومصر وغيرهما من البلدان.‏

إن فلسفة الحكم شيء، وفلسفة التسلط شيء آخر ، واحترام الحاكم شيء والخوف منه أمر آخر، لذلك كله نجد أن أكثر الساحات العربية هدوءاً تلك الساحات التي لا فواصل فيها بين الحاكم والشعب وتلك التي لا يطرب فيها الحاكم للتصفيق وإنما يصغي فيها للهمس ويسمع فيها بأذنيه ويرى بعينيه لا بعيون غيره، لقد أوصى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أبي ذر الغفاري بوصايا تصلح اليوم للكثير من الحكام فقال: «ارحم المساكين وجالسهم، وانظر إلى من تحتك لا من فوقك وصل الرحم وإن أدبرت».‏

ولعل الغريب فيما نسمعه عن سلوكيات الحكام الذين سقطوا مسألتان مهمتان وهما حجم الثروات والأموال التي نهبوها وهي أرقام فلكية تجعل المراقب يتساءل عن الكيفية التي حصلوا من خلالها عليها وما الثمن السياسي والوطني الذي دفعوه هم وشركاؤهم نتيجة ذلك ، وكيف ينظر إليهم أولئك الذين وفروا لهم سبل الفساد وما حجم ما سرقوه بالشراكة معهم وحصلوا عليه من امتيازات ومنافع سواء في بلدانهم أم غيرها، وإلى أي مدى تم استثمار هذه السرقات من قوى خارجية وداخلية للضغط عليهم ومصادرة إرادتهم السياسية في الداخل والخارج وهنا يبدو أولئك الحكام وكأنهم رجال أعمال ومديرو شركات أو وكلاء لها أكثر مما هم قادة وحكاماً يعملون لخدمة شعوبهم وتحقيق الأمن والاستقرار والرفاهية لها.‏

لقد بتنا مقتنعين أكثر من أي وقت مضى أن ما تنشره منظمة الشفافية الدولية عن حجم الفساد في دول العالم ليس مبالغاً فيه وإنما أقل مما هو حاصل بكثير، وهذا يرتب على المنظمة مستقبلاً أن توسع دائرة نشاطها وبحثها وتقصيها لتكشف عما هو مستور من فساد قد لا تتيح الآلية الحالية التي تعمل بها البنوك والشركات خاصة سرية الحسابات الاطلاع عليها وكشفها للرأي العام.‏

khalaf.almuftah@gmail.com

تعليقات الزوار

عيسى الخطيب |  ALKHATIB5@YAHOO.COM | 14/03/2011 21:19

الأستاذ العزيز خلف المفتاح شخصت الداء وكتبت الدواء لأناس عقلاء يعيشون الواقع ولكن واقعنا العربي المزري والتربية التي عاشتها جماهير أمتنا منذ التخلص من الإستعمار المباشر الى اليوم أثبتت الأيام أننا كنا نعيش الوهم ونأكل ونشرب ونحلم وهما فقد قاد أغلب شعوب أمتنا قادة إنزلقت أقدامهم الى معاداة الجماهير لإرضاء نزوات قططهم السمان ( أبنائهم المدللون ) فقد ضيعوا مقدرات أمة كانت قادرة على إسعاد النصف مليار عربي من محيطه الى خليجه ورصدت في بنوك الغرب الذي يتفنن للإستيلاء عليها وها نحن نراها تضيع على يد مسوخ نصبوا قادة فضيعوا مقدرات الأمة وضاعوا هم وأسرهم تحت أقدام الجماهير الغاضبة الثائره لكرامتها التي ديست بإسم حماية الأوطان من المتأمرين والغوغاء وإذ بنا نكتشف فجأة الوهم الذي كان مخيما علينا وأن صبرنا على محن وقساوة الحياة ليست سوى عذابا نجلد به أنفسنا بلا فائدة وعلى كل فجماهير أمتنا شاركت في هذه الجريمة التي أطاحت بنا إلى خارج التاريخ فقد مارسنا ديمقراطية على الطريقة القبلية البدائية المتخلفة فكان نتاجها مانرى على الساحة العربية وممارسة السلطة المطلقة على طريقة التفويض الإلهي والبلطة المزدوجة للأمبريوم في نظام مجتمع روما القديم وهاهم شباب أمتنا بطهارتهم وبرائتهم من الإرتهان والإرتباط يطيحون بمن إستهتر بهم وبكرامة أمتهم فجاء مقتلهم من حيث لايدرون حتى دوائر مخابرات أعداء الأمة فاجئتهم هذه الثورات ونقول جميعا بلسان واحد ياقادة أمتنا إلتحموا بجماهيركم وأبعدوا الفاسدين المفسدين وقربوا البطانة الصالحة وعندها سوف يسكركم حب جماهيركم اكريمة العزيزة issaalkhatib.wordpress.com

المهندس / محمد المفتاح - الرقة ومقيم في الرياض |  almoftah_2005@hotmail.com | 15/03/2011 13:08

الأستاذ / خلف المفتاح ، تحية وبعد : في فلسفة الحكم ، وبهذا أقول : 1 - إذا كانت الثورتان الشعبيتان في تونس ومصر قد كشفتا حقيقة النظامين الحاكمين في هذين البلدين العربيين من تسلّط وفساد ، ففي المقابل أثبتتا للعالم أن الشعب العربي هو شعب حيّ ، ولا يمكن أن يركن للضيم إلى الأبد ؛ 2 - لقد توقفت طويلاً عند قول المفكر العربي الإسلامي شفيق منير : الفساد سياسة عالمية (لم يقل ظاهرة) ، والغرب (ومعه أمريكا) هو من يشجّع على الفساد في منطقتنا ، لأنّ أموال الفاسدين تتحوّل إلى استثمارات رابحة في بلدانهم ، وهي أهمّ من النفط بالنسبة لهم ! فهل توقفت الحكومات العربية عند هذا الكلام الخطير ؟! 3 - ألغت الحكومة المصرية الجديدة فصلاً من منهاج المدارس الثانوية في مادة التربية الوطنية يتناول تاريخ الرئيس المصري السابق حسني مبارك وحزبه الحاكم على (أنّهما مثال للبطولة والديمقراطية ونظافة الكف) ، وكان رأي من اتخذ القرار بأن وسائل الإعلام تتناول (مبارك وحزبه) على أنّهما مرتعان للفساد والرشوة ، في حين نعلّم الطلاب نقيض ذلك !

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خلف المفتاح
خلف المفتاح

القراءات: 11363
القراءات: 1092
القراءات: 841
القراءات: 995
القراءات: 872
القراءات: 938
القراءات: 953
القراءات: 910
القراءات: 982
القراءات: 930
القراءات: 966
القراءات: 908
القراءات: 935
القراءات: 973
القراءات: 1027
القراءات: 989
القراءات: 1086
القراءات: 1064
القراءات: 986
القراءات: 1050
القراءات: 990
القراءات: 1017
القراءات: 1041
القراءات: 1076
القراءات: 1314
القراءات: 1230

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية