وعلى مدار الساعة, حيث نجد أرتالاً مُدهشة - إنْ لم نقل مُرعبة - من الشاحنات, والباصات الكبيرة, وحافلات النقل المتوسطة والصغيرة, تصطف أمام وحول محطات الوقود, التي نراها على العديد من الأوتوسترادات, وبعض هؤلاء المنتظرين ( يحوص ) يروح ويجيء في آخر الأرتال, كأنه بذلك يبدي احتجاجاً على هذا الازدحام, معلناً عدم قدرته على الانتظار, لأن دوره في تعبئة المازوت - والحال كذلك - لن يأتي إلا بعد ساعات طويلة, فيناور محاولاً إيجاد ثغرة للنفاد للاقتراب إلى المحطة, ولكن عبثاً, فالطوق مُحكم, والكل يعاني, فليس من الممكن أن يكون أحدٌ مستعدّاً لمجاملة أحد.
بعض هؤلاء المناورين, ينفد صبرهم, فيتركون المحطة ليتجهوا إلى محطة أخرى حتى ولو كان مسارهم بعكس السير, ليُشكلوا بذلك خطورة فظيعة على تلك الأوتوسترادات .
المهم في الموضوع أنّ أحداً لايستطيع أن يتصرف في مثل هذا الأمر سوى شركة محروقات, واكتفائها بتوزيع المازوت على ماتبقى من المحطات المعتمدة بمثل هذا الشكل, وإغلاق مئات المحطات ليس كفيلاً بوضعها في مأمنٍ من المسؤولية, الوضع غير معقول, فمصالح الناس تعطلت, وشركات نقل الركاب ألغت الكثير من رحلاتها, وأزمة النقل راحت تتجه نحو التفاقم أكثر فأكثر, ليبقى المتضرر الأكبر - كالعادة - هو المواطن الذي لاحول له ولا قوة .
لانعتقد أنّ سماء ( محروقات ) ستنهار على أرضها فيما إذا حاولت أن تفعل شيئاً للسيطرة على الوضع, لابل فإن السكوت عن الأزمة, يعني- معنوياً على الأقل - انهياراً للمحروقات ,ولاسيما أنها ماتزال تدّعي بأن المازوت وفير, ولامشكلة إلا في توزيعه ..!! إذاً لماذا لاتوزعه جيداً وهي الموزع الحصري والوحيد ..?! لماذا لاتزرع نقاط توزيع مؤقتة, وفي كل المناطق, ريثما تنتهي الأزمة ..?! غريب أن يقال .. المازوت موجود .. ولايوجد مازوت .. ..?!