وكذا هو الحال مع الفن, قد يتحول طوق إنقاذ , وقد يتبدى طوقاً يكبلنا إلى حوض لذة مذنبة أو مطهرة, لكنها بالحالتين تحول العيش ذاته إلى أدران نسعى للتخفف منها .
استأثر بجوائز الأوسكار هذا العام فيلمان سارا على صراط الفن, لكن بينما أوصل الفن أحدهما إلى بر الأمان, اقترب بالثاني من نور اللهب حتى الاحتراق والذوبان.
« خطاب الملك « كما قرأته ليس عرضاً لسيرة ملك ابتلي بالعرش في زمان حفل بأباطرة الخطابة والمنابر مثل هتلر وموسوليني وفرانكو, أما هو فكان مكبلاً بعاهة التأتأة والتلعثم التي تتفاقم أمام الحشود وفي مواجهة الميكرفون, فكيف سيستطيع استثارة الحشود وتجييش الشعب ضد المحور وهو لا يستطيع استنهاض طاقته الشخصية بما يكفل إتمام جملة واحدة.
خطاب الملك عن رحلة استشفاء لدى معالج نفسي حداثي مجدد, لكنه يتكشف عن ممثل انتحل صفة المعالج واستل تكنيك التمثيل وأدواته لتحرير طاقات شخصية الملك من قيودها وأغلالها كما غلها وجروحها وذكرياتها المؤلمة .
وهكذا تمكن تمارين المرونة الجسدية والنفسية والصوتية الملك من موجهة الحشود وإلقاء خطاب الحرب ضد النازية من دون تردد أو وجل.
أما في البجعة السوداء فتتوحد الشخصية مع الدور ويطيح الإخلاص بالخلاص, وبدل أن يكون الفن غرفة اعتراف أو مطهراً يواجه فيه المذنب خطاياه, يتحول إلى مرجل, لكن غوايته قاتلة, ما يدفع براقصة الباليه لأن تطعن نفسها التقاطاً للذة المعاناة المرضية بدل المستشفية.
dianajabbour@yahoo.com