يوم عمره ستة وستون عاماً لكنه لم يولد إلا بعد مسيرة نضال فاقت ربع قرن.. من البذل والتضحية.. سورية الأجداد والآباء والأبناء، صنعت جلاءها، حققت استقلالها لم ترضخ لآلة القتل والموت، لم تستطع فرنسا بجبروتها.. بحقدها، بلؤمها أن تمزق الجسد الواحد أو أن تزرع فيه بـذور الاقتتال.. حاولت أن تفعل ذلك، جرّبت ألف اسلوب لكنها باءت بالإخفاق.
الجلاء.. عيدنا الأكبر، تاريخنا الأنقى والأروع هو اليوم محطة مختلفة لكل من ينظر الى سورية، فالسوريون مصممون على أن يحموا البلاد ويصونوا كرامتها، ويفتدوا الجلاء وماحققه الأجداد والآباء والأبناء، السوريون صنعوا الجلاء بأرواحهم لم يأت منّة أو إحساناً من أحد، ومن قدم آلاف الشهداء لن يتأخر عن تقديم المزيد حين يتهدد الوطن خطر داهم، فالجلاء فعل نضال وعطاء، واستمرار، انه التجدد كما انقلاب دورة الطبيعة.. الجلاء فرحة في كل بيت في كل قرية، ومدينة، السوريون الذين وهبوا العالم أول أبجدية، وأول عاصمة وأول مبادئ الحرية والانسانية، لن ينكسروا، لن يهزموا لأنهم أبناء الحياة، أبناء العطاء والحرية، لأنهم ابطال وهبوا العرب كل عطاء ومحبة.
وعلى الطرف الآخر من الجلاء ثمة عدد اخر يريد ان يغتال استقلال سورية، أن يصادر حريتها، كرامتها، أن يعيدها الى اتون جحيمه، حاك المؤامرات وجدد الأدوات والاساليب، ومول ودرب.. وكانت المؤامرة التي تتعرض لها سورية شعباً ودوراً وحضارة وثقافة وقيادة.
سورية الدور والموقف والحضارة لم تكن يوماً خارج دائرة الاستهداف أبداً ومن يراجع تاريخها منذ الاستقلال فإنه يقع على الاف المؤامرات التي حيكت ضد سورية، وكلها تكسرت على صخرة الصمود السوري، ولكن تنامي الدور وتعاظم القوة وتماسك الشعب السوري وتحول سورية من دور المنفعل في الأحداث الى صانع لها جعل أطراف التآمر تزيد خططها وتوحد جهودها لكسر دور سورية المحوري وتشويه تاريخها النضالي،لكنهم لم يتعظوا من التاريخ ودروسه، ولم يحسنوا قراءة الشعب السوري الذي واجه أعتى قوى العدوان بصدور عارية وصنع فجر استقلاله..
سورية اليوم منيعة، حصينة، استقلالها أكثر بهاء ودورها أعاد صياغة المعادلة العالمية.. سورية ستصنع جلاءها الأكبر باستعادة الجولان المغتصب.. الجلاء ليس فعلاً ماضياً، هو فعل عطاء واستمرار تصنعه الأجيال لتحافظ على سورية شامخة كقاسيون وحرمون.
d.hasan09@gmail.com