لعل هذه الكلمات سمعناها كثيرا ونرددها جميعا ولكنها الحقيقة حقيقة اكدتها وتؤكدها بطون التاريخ وهي: ان الوطن هو الام التي يتسع صدرها للدفء والحنان لجميع ابنائها دون تأفف او تذمر او كلل، وهكذا الوطن يتسع لجميع ابنائه المخلصين له والذين يقدمون ارواحهم هدية ليزينوا بها ترابه الغالي عند الشدائد.
من هنا تأتي عظمة الجلاء وقيمته وعندما نقدس هذه المناسبة انما نقدس تراب ارضنا وشهدائنا الذين قدموا انفسهم قرابين على مذبح الوطن بصدور عامرة بالايمان والحب.
مرت عليهم ليال من الجوع والفقر والحرمان تأقلموا مع كل شيء حتى انهم اوجدوا غذاءهم بالطريقة التي تعبر عن قدستيهم لتراب ارضهم، اكثرهم من شدة الجوع بحثوا في البراري المقفرة عن طعام، وكانوا يجربون نباتات موجودة على الطبيعة يأكلونها وكانوا يستنتجون مع التكرار ان هذا النبات يؤكل وهذا لايؤكل.. هذا يخفف الام العطش وذاك يملأ المعدة الفارغة.
كانوا يتحايلون على قسوة الطبيعة التي كانت في بعض الاحيان تعادل قسوة المستعمر، نحتوا بيوتهم على صخور الوديان كانت بيوتهم المغارات والكهوف، كانت بناءاتهم شرفهم، فالوطن هو همهم وغايتهم، كان فراشهم الريحان وطعامهم الخرنوب، كان ضوء القمر سراجهم في معاركهم الليلية، وكانت وسيلة اتصالهم اصوات الطيور وبعض الوحوش لتكون رمز معرفتهم واجتماعهم مع بعض، كانت احذيتهم عندما تهترئ بديلها جلود الحيوانات، كانوا يخوضون معاركهم بدون خرائط طبوغرافية ودون الخوف من عدد العدو وعدته.
ما اجمل ارواحكم ايها الشهداء الابرار قدمتم كل شيء دون ان تنظروا الى المقابل، دافعكم كان الشهادة او طهارة الوطن.
هكذا كان الثائر والمجاهد يقاوم قسوة الطبيعة وظلم المستعمر.. ما اروع التضحية عندما يطلبها الوطن، لنكن جميعنا بعظمة هؤلاء الرجال لنبني هذا الوطن بأرواحنا ليبقى مرفوع الجبين شامخ الهامة.