بين الإرادة واليقين يبدأ هذا الحضور مترعاً بلحظات تكتب سطورها الممتدة في هذه الأرض، وهي تحاكي وجدان السوريين في عمق المشهد المرتسم على جنبات الوطن، لتخط بصماتها على اللوحة المتجددة في تلك الإرادة كما هي بيقين السوريين.
على مسافة واحدة، يقف الوطن، يسترجع ذاكرة.. كان دفق الحياة فيها دائماً أقوى من المتربصين، وكانت إرادة الصمود أقوى من جبروت المحتل.. وكان اليقين مزهواً بها لترسم الجلاء بعد ربع قرن ونيف.
في تفاصيل الحكاية أن السوريين اليوم، يدركون هذه المفازات وقد خبروا صعابها ومخاطرها، ويلمون بتلافيفها الممتدة عميقاً لترصع لوحة الوطن وتكتب هنا سورية أرض الحضارة ومنبت التاريخ قديمه وحديثه.
يحل علينا يوم الجلاء وقد اكتست أرض الوطن بتلك الشواهد من جديد في معركة لاتخفي أطرافها ولا الهويات الجديدة لهم.. مستعمرون جدد بلبوس عدل من شعاراته، لكنه يتلاقى معها في الغاية والهدف في الأداة والوسيلة.. في الأسلوب والطريقة.. محاولة لاستعادة ماضٍ دفنه السوريون منذ زمن بعيد، ولن يقبلوا حتى التلويح به.
قبل ستة وستين عاماً، أنجز السوريون استقلالهم الوطني.. وفي سطره الأول كان الجلاء، وفيما تلاه من سطور إرادة وعزيمة ويقين على انجازه كاملاً غير منقوص.. واليوم، يكتبونه بلغة جديدة في مواجهة، نعرف أنها أكثر شراسة وقد اجتمع فيها مع المستعمرين الجدد الكثير من العرب شاركتهم فيها أحلام الخلافة العثمانية، وأحلام الامبراطوريات الجديدة ومشاريع الهيمنة!!.
على ضفة واحدة يقفون وتحت معيار واحد يجتمعون، وخلف هدف واحد يلتقون.. تتقاطع محاولاتهم وأصواتهم وأحياناً تتوازى في المنحى ذاته ومعهم أدواتهم من مرتزقة وشذاذ آفاق.
يحضر الجلاء ولاتزال محاولاتهم المحمومة مستمرة.. قديمها وجديدها.. ماجرب في الماضي، وما استُحدث في الحاضر.. ماثبت فشله سابقاً.. وماسيثبت لاحقاً.. عدوان واعتداء وتحريض وتجييش واستقواء واستجداء وعقوبات.. واستدراج للتدخل الخارجي!!.
السوريون سمعوا نشاز المشيخة القطرية.. لمسوا حقد أميرها وطغمته.. تحريضه.. مطالبته بالتدخل العسكري.. دعواته لتسليح الإرهابيين.. كما لمسوا استجداء العربي للفصل السابع.. والسوريون لم ينسوا في الماضي ولن ينسوا اليوم وغداً ما اقترفته تلك الأيادي الوالغة في الدم السوري ومسؤولية أصحابها الأخلاقية والسياسية والقانونية.
يحضر الجلاء وتحضر معه الإرادة واليقين على الضفة الأخرى.. إرادة بالمواجهة حتى النهاية ويقين بنصر يصنعه السوريون على طريقتهم ليكون سورياً بامتياز.. ليكون درساً آخر وعبراً جديدة يضيفها التاريخ إلى صفحاته!!.
يقين السوريين كما هي إرادتهم.. إيمان بسورية.. بشعبها وبجيشها العربي السوري.. يحيون يومهم الوطني وهم أكثر يقيناً وأقوى إرادة في حسم المواجهة.. وأكثر من أي وقت مضى!.
a-k-67@maktoob.com