حتى الآن يبدو المتفائلون محكومين بالأمل.. والمتشائمون «عموماً» محكومين بالتشكيك.. ذلك أن المهمة بين متفائل ومتشائم تتحكم بالنظرة إليها – إلى حد ما- النيات.
رغم كثرة الملاحظات على مواقف عدد من أعضاء مجلس الأمن، ولاسيما الدول الاستعمارية «أميركا، بريطانيا، فرنسا».. إلا أن المجلس لا يستطيع أن ينسحب من كونه صاحب المهمة ببيانه وقراره.. وبالتالي قد ترحب هذه الدول بتطور إيجابي في المهمة.. ولا يعتمد عليها إطلاقاً في محاولة تسهيل خطواتها.. وهذه إحدى المصاعب الهامة في مواجهة خطة أنان.
حتى اليوم الدول الاستعمارية في مجلس الأمن مضافاً إليها ألمانيا والبرتغال «المتسولة حل مشكلتها الاقتصادية» لم تنسحب من مواقفها التي تقدم إسقاط النظام على الحلول السياسية رغم ما تنادي به.. لكن ستجد نفسها مضطرة للترحيب بخطوات إيجابية ترسم على الأرض -ولو ظاهرياً على الأقل- ثم لا تجد مانعاً أن تبدأ خطوات الحوار وطبعاً سيكون لها فعلها في إمكانات هذا الحوار وتطوراته عبر تأثيرها على قوى في المعارضة مازالت تتلقى أوامر منها إلى درجة «هيئ سلاحك.. أرضاً سلاحك».
من باب التفاؤل الشديد، وربما الرومانسي، أرى أن القوى السورية موالاة ومعارضة وصامتين راغبة في الخروج من مأزق تشابك الخيوط الدامي الذي يعيشه الوطن وهو وطن الجميع.. وسيكون لها ذلك إن توقف كل من فيها عن استقدام الدعم من الخارج وانتظار الحلول من هناك، ويلحظ هنا بعض التطور في مواقف المعارضات وبشكل خاص منها ما تسمى بالداخلية وإن تشكلت في الخارج «المنبر الوطني مثلاً»، فهي داخلية لأنها تربط جهودها بداخل الوطن لا بخارجه!!
في تصريح لتلفزيون روسيا اليوم قال المعارض السوري البارز حسن عبد العظيم إن البحث هو عن عملية سياسية تقطع الطريق على استمرار العنف.
هذا تطور إيجابي جيد.. يعني أن بدء العملية السياسية لا يحتاج بالضرورة وقف العنف كخطوة أولى بل هو الذي يؤثر في وقف العنف.. فالمسألة ليست مسألة رغبة بل مسألة الممكن.. والسياسة هي فن الممكن ولو كانت خلاف ذلك لكانت فن «العناد».
طبعاً وقف العنف هو الغاية الأهم والأسرع والأنبل.. وأن نقطع الطريق على العنف بالعمل السياسي، سيكون ذلك خطوة مركبة تقدمنا جيداً في مشوار سورية الجديدة.
أما معارضة الخارج.. فأنا لا أشكك بمواقفهم كمواطنين سوريين، لكني أشك كثيراً في أن تسمح لهم القوى المؤثرة بقرارهم التوجه إلى الحل السياسي.
أليس من المنطق أن تقف دول مثل قطر وتركيا وإلى حدٍ ما السعودية.. أمام سؤال:
وماذا بعد الحل السياسي..؟!
ويتبعه سؤال:
هل يعني ذلك أن كل ما دفعناه ذهب هباءً..؟!
تركيا خسرت الكثير.. أهمه علاقتها مع سورية.. وأشك أنها ستعود يوماً كما كانت.. وكذا قطر.. أما السعودية فهناك احتمالات على أساس أن المملكة ستحتاج دائماً سورية بقدر ما تحتاجها الأخيرة، وبالتالي يبقى ما خسرته قليلاً تجاه استعادة العلاقات بين البلدين.
بوضوح أقول إن دول الغرب الاستعماري ومن معها.. مشككة لا يعنيها كثيراً نجاح مهمة أنان.. في حين أن تركيا وقطر والسعودية معادية لهذه المهمة وتسعى لإفشالها..
هل يفهم السوريون أنهم وحدهم الذين يحددون النجاح والفشل..؟
As.abboud@gmail.com