أُطلِق على هؤلاء اسم «التكنوأنبياء».
لأنهم يعلنون، بفرحٍ، نهاية العذابات المتوارثة للإنسانية. هكذا نصبح مدينين للأب المؤسس لهذه النظرية «ألان تورينغ»، وللعالم الأكثر إثارة «مارفين مينسكي» الذي أدار برنامج MIT في الذكاء الاصطناعي.
إذاً أبشروا أيها الناس فالآلات الذكية المستقلة تماماً سوف تولد بلا شك- حسب أولئك- ففي عام 2010 (اكتسبت الكومبيوترات قدرات دماغ السحلية، لكنها ستلحق بالمهارات الحيوية للدماغ البشري بحلول العام 2020. وستكون عقولاً بلا عوائق، متحرِّرة من الأجسام، تتجاوز الأهواء وتصل إلى حالة من اللاموت).
بالمقابل يمكننا أن نجد في كل يوم (أنبياءً) مشابهين يمكن تسميتهم بأنبياء القتلولوجيا.. العنفولوجيا... الاغتصابولوجيا...التدميرولوجيا......... فهل يمكن أن تكون العقول المبشرة بعصر ما بعد الإنسانية أسوأ من العقول المتحكمة ببشر الأرض؟
أي هولٍ يمكن أن يلحق بنا أكثر من اعتبارنا بكل حيواتنا- وما تحمله من أحاسيس وعواطف وحزن وفرح وأمل وعذابات- مجرد خريطة يناقشها الكبار- بمفهوم مالكي السلطة والقرار- برأسِ مؤشر؟!
يبشرنا التكنوأنبياء بعقول سرمدية لا موت فيها... ويبشرنا أنبياء القتلولوجيا بموت يومي لا حياة تخرج منه.. إلا بروح معطوبة وكيس من الكوابيس!
نظريتان متعاكستان يدعي آباء كل منهما البحث عن سعادتنا.. ويجمعهما إصرارٌ على تحريرنا من الجسد والروح الإنسانية..
لكن أحداً من هؤلاء وأولئك لم يسألنا ما الحياة التي نريدها رغم أن ما نطلبه ليس معقداً جداً:
قليل من الكرامة والحرية والعدالة.. وقليل من الحب!
suzan_ib@yahoo.com