وبالتأكيد من يقرأ أو من قرأ هذا الكاتب المبدع فلابدّ انه يستحضر ما في العنوان السابق وهو عنوان احد كتبه - يستحضر الكثير ممن تحدث عنهم الراحل العجيلي، قبل ان يصبح هو وجهاً راحلاً، وجوه نودعها، بعضها سيبقى خالدا في ذاكرتنا الى ان نلحق بهم، وبعضها الآخر يمر مرور الومضة لا تترك اثراً ابداً.
ولسنا هنا في صدد الحديث عن مكانة أي رحال فمهما كان فلابدّ ان له من يفتقده ويحزن عليه مهما كان وضعه ومكانته، ولكن ماذا عن وجوه راحلين هم ملء القلب والعين في الثقافة والابداع ؟ وماذا عن الوفاء لهؤلاء، لابداعهم، لمواقفهم، للكثير مما تركوه. ؟
أليس من حقنا ونحن الآن على مفترق الفرز وكشف الاقنعة ان نسأل: لماذا ينفر الكثيرون ممن كانوا على موائد هذا المبدع او ذاك الفنان، لماذا ينفرون منه ميتا وهم من كانوا يتحلقون حوله حين كان حيا يرزق، وكانوا منغمسين في اطاييب تقدم لهم ؟
بل لماذا ينكفئون في منازلهم او في مكان ما حين يرحل احد زملائهم وهو المعروف والمشهور، يظلون في صمت مريب، بعضهم لا يكلف نفسه عناء الحديث بكلمة عنه، او حتى الخروج بجنازته وهذا اقل واجب، لعمري انه العري الذي لم نكن نظن اننا سنراه يوما ما، بعضهم يسأل عن الحضور الرسمي في جنازة فلان او فلان، ومع كل الحب لكل من يسال وللراحلين، فاننا نرى الحضور الرسمي لايزيد ولا ينقص من قيمة أي مبدع مهما كان، وحتى حضور الاصدقاء او الزملاء لا تعني الراحلين ابدا فعلى مبدأ: ان شمس الاحياء لا تدفئ الموتى هي مقولة حقيقية، ومن باب جحا حين سئل: ايهما افضل السير امام الجنازة ام وراءها؟ فقال: اينما مشيت المهم الا تكون انت المحمول..
منذ عدة اعوام توالت وجوه الراحلين وتوالى الجحود وكشف المزيد من الاقنعة، راينا العجب العجاب في رحيل سليمان العيسى ومن بعده الكثيرون، من فنانين وغيرهم من راحلين.
هي وجوه الراحلين تسال: اهكذا الوفاء ؟ ما الذي حصل وكيف تم هذا السقوط المريع بين ليلة وضحاها ؟ وربما قال احدهم لو نطق: غالبا ما كان الفنان او أي مبدع غاليا على نقابته مرتين الاولى حين الانتخابات والثانية حين الرحيل.
الاولى بقيت لان الانتخابات لم تلغ، والثانية الغيت لان الرحيل لم يعد يتوج بكلمات (يتبروظ فيها الكثيرون).
ترى ماذا لو كنت ايها الناكر الجميل انت المحمول ؟ الا تسال: اين رفاق الدرب ولم لا اراهم في موكب الوداع ؟