تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


إلى زميلي..

معاً على الطريق
الأربعاء 22-7-2015
أنيسة عبود

زملاء كنّا في الجامعة..

وكنّا في الحارة جيراناً أيضاً.. نتبادل دفع أجرة الميكرو.. يومَ كان الميكرو سيّد النقل الداخلي في مدينة اللاذقية الجميلة. لم نكن ننسى تبادل المعايدات في العيد.. ولا نتأخر في السؤال عن الأحوال.‏

كنّا معاً ننتقد بعض المظاهر الشاذّة في المدينة.. مثل القمامة المنتشرة في زوايا الشوارع، وفوضى السكان في السهر على الشُرفات وأمام المنازل حتى الفجر، فيمنعون الآخرين من النوم والراحة.. والتجاوزات والاعتداءات على أملاك الدولة، وكنّا معاً ننتقد الرشوة والفساد والعمل البيروقراطي في مؤسسات الدولة، وذات مرة كنّا سنذهب إلى العاصمة معاً لنشكو مدير أحد المؤسسات العامة التي حوّلها مديرها إلى مزرعة خاصة يبيع ويشتري في قوانينها وميزانيتها.. كنّا معاً نتضايق من (المحسوبيات) ومن غلاء الأسعار.. ومن رواتبنا الضيئلة مقابل متطلبات الحياة الضخمة.. وكَم أخذنا الطموح إلى مستقبل أفضل لنا ولأولاد البلد.. ويوم غادر الجيش العربي السوري لبنان، وراح بعض اللبنانيين العملاء ينبحون على سورية، غضبنا معاً وبكينا معاً على غزّة .. ومعاً فرحنا بانتصار المقاومة اللبنانية على العدو الصهيوني.‏

في خندق واحد كنّا.. وفي رؤية واحدة وتصوّر واحد كنّا.. فما الذي غيّرك يا صديقي ؟‏

لماذا هَدرت دمي ودماء الكثيرين من الزملاء والأحباب ؟‏

لماذا هَدرت دماء الوطن الذي بناه جدّي وجدُّك، ومات لأجله أخي وأخوك. هل يجب أن تحمل منظاراً وترى ما يفعله العدو بنا ؟ أم عليك أن تعود إلى التاريخ وتقرأ من جديد سيرة وطن يخططون لذبحه منذ عشرات السنين ؟‏

هل البديل أن تربّي لحيتك.. وتطلق عقلك خلف جاهل لا يعرف من دين الله إلا القتل وما يحفظه عن آل صهيون ؟‏

لكن، وبما أن العِشْرة لا تهون، والأخوّة التي بيننا لا تهون.. كنت أتمنّى لو أعرف عنوانك لأرسل رسالة معايدة لك ولكل الزملاء الذين خرجوا من ثوب الوطن إلى ثوب العصملي والصهيوني والغربي.. وأسألهم أمَا اشتقتم إلى خبز الحارة.. وقهوة البحر.. وسمك السلطان إبراهيم ؟‏

في الحقيقة لدي أسئلة كثيرة.. وهي أسئلة موجعة ونازفة تلحّ عليَّ دائماً وأتمنّى لو أعرف الجواب منك.‏

فما هو شعورك عندما تحترق خطوط النفط السوري ونبقى (نحن أهلك السوريين) بلا كهرباء وبلا ماء ؟‏

كيف تشعر عندما يجوع أطفال الوطن لأن قمحهم مسروق وطرقات البلاد مقطوعة.. وقطنهم مسروق.. وغازهم مقطوع.. ألا يحزنك أن تمرّ بأحياء كانت عامرة واليوم هي أنقاض مدمّرة وتحت حجارتها أحبّة وذكريات وآمال كانت ملء العين؟‏

ماهو شعورك عندما ترى نساء سوريات يُبعن كسبايا في الموصل ؟ أو يُبعن كجواري لأردوغان اللعين وزبانيته ..؟‏

ألا يبكيك منظر غابات الساحل السوري النادرة وهي تحترق وتتحوّل إلى أوكار للقتلة الواردين من بلدان كثيرة جاؤوا ليقتلوا أخاك السوري ؟‏

زميلي كنت.. وجاري.. ولنا تاريخ سوري واحد.. هل أخذت حريتك الآن وأنت تمدّ يدك للصهاينة كي يعالجوك في مشافيهم.. ويعطوك السلاح لتقتلني ؟‏

هل أصبح شارون أقرب إليك من عزّ الدين القسام والشيخ صالح العلي.. ومن سلطان باشا الأطرش ومن أبطال حرب تشرين ؟‏

نعم.. يوجد أخطاء في البلد.. وفي كل بلد يوجد أخطاء.. وكنّا معاً نتحدث عنها.. لكن أن يكون تصحيح الأخطاء بالذبح والنهب والسبي والحرق وتدمير بلاد بكاملها، فهذا لعمري لم أسمع به ولم أقرأ عنه في أي ثورة قامت على وجه الأرض.‏

سأحلّفك بسوريتك (إذا كنت سورياً حقاً).. ألا يحزنك شعبك الذي صار لاجئاً على أبواب اللئام ؟‏

ألا ترتعش يدك وقلبك عندما تُكبّل شاباً سوريّاً (مثل رئيف اسكندر علي) وتجبره أن ينخ وتمسك به وتذبحه كطائر في قفص ؟‏

كيف تشعر ودم شاب سوري ينزف بين يديك ؟‏

كيف تشعر وأنت تقطع الماء والخبز والحياة عن البلد؟‏

كيف تكون إنساناً وأنت تغلي أطفال اللاذقية بالزيت.. وتطلق الغازات السامة على أهل البلد ؟‏

ألا يحرّك إنسانيتك منظر امرأة من بلدك.. من حارتك.. من قبيلتك ذاتها أن يغتصبها التركي والقطَري وشيوخ النفط يهدرون شرفها أمام عينيك وعيني العالم الكذّاب المتوحش ؟‏

مَن أنت؟ هل أنت السوري الذي شرب من ماء سوريّة؟ وصلّى في جوامعها.. ونام على ترابها ؟‏

هل أنت السوري الذي قارع الفرنسيين والصهاينة ورفض التقسيم وبَكى على لواء اسكندرون والجولان وأوابدها ؟‏

إذا كنت هذا السوري فعلاً فعُد يا أخي.. نداوي الجراح ونبني الوطن من أجل الغد القادم.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أنيسة عبود
أنيسة عبود

القراءات: 689
القراءات: 820
القراءات: 735
القراءات: 697
القراءات: 734
القراءات: 657
القراءات: 682
القراءات: 881
القراءات: 929
القراءات: 760
القراءات: 735
القراءات: 775
القراءات: 761
القراءات: 857
القراءات: 757
القراءات: 750
القراءات: 740
القراءات: 824
القراءات: 735
القراءات: 885
القراءات: 744
القراءات: 791
القراءات: 878
القراءات: 959
القراءات: 763

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية