| مَنْ... ورّط مَنْ...?! الافتتاحية في بقاع العالم, في أحداث التاريخ.. حيث يكون الخراب والدمار والعدوان والظلم تكون إسرائيل.. هذه مواقفها ومهمتها .. لكن.. وللأسف كثير من قوى العالم ومنظريه يغضون النظر, وتعتمد إسرائيل على غض النظر الدولي, فتتمادى, وتتواقح.. ذات يوم احتجت إسرائيل على علاقات بين سورية وجنوب إفريقيا, فتصدى لها صوت الحق, صوت المناضل التاريخي نيلسون منديلا, ليعلن بوضوح أن سورية هي الدولة التي وقفت إلى جانب نضاله وشعبه ضد سياسة الفرز العنصري, وأن إسرائيل هي التي كانت تقف مع العنصريين ضد نضال شعب جنوب إفريقيا. سياسة غض النظر عن السلوك التخريبي الإسرائيلي والدور المشبوه الذي تمارسه في مواقع الصراعات المختلفة وصل أحياناً كثيرة إلى بعض العرب أنفسهم!? فيما مضى من الزمن, كنا نسمّيها (مخلب القط).. هي التسمية التي اطلقت عليها غالباً بعد العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956, لكن.. (الواقعية العربية) فرضت عدم استخدام مصطلحات ذاك الزمن.. وتغيرت المصطلحات, ولم تتغير إسرائيل التي أصبحت تعوّل على (الواقعية العربية). لاحظ مثلاً التغاضي العربي المريب عن دورها المشبوه في خراب العراق.. والذي مازال مستمراً دون أن يجد من يضعه في صورته الحقيقية فهي صاحبة مصلحة أولى في كل ما جرى في العراق.. اليوم لإسرائيل دورها في أحداث جورجيا التي لا مبرر لها.. صراع سياسي يمكن أن يجد له حلاً بأساليب كثيرة.. بل إن روسيا الاتحادية وجورجيا سبق أن وجدتا حلاً, ووقعتا اتفاقية, وكل شيء قابل للحوار, بما يضمن المصالح الروسية والجورجية.. لكن.. ليس بالضرورة أن يضمن المصالح الأميركية التي تتجلى صورتها الأولى بإضعاف روسيا ومحاصرتها, بدءاً من سياسة الدرع الصاروخية إلى أحداث اليوم في جورجيا وأوسيتيا الجنوبية ومنطقة القفقاس وغيرها.. هل كانت الولايات المتحدة بدفعها جورجيا إلى ورطتها, مستعدة للدعم العسكري لها في مواجهة مع روسيا?. غالباً.. ليس الأمر كذلك.. إنما أرادت فعلياً أن تقيس قوة النبض الروسي للوقوف في وجه الطغيان الأميركي, الذي يتمادى كثيراً على العالم, وعلى روسيا تحديداً, ومن أجل ذلك ضحت بهذا الحليف الصغير المعتمد على قوة الهيمنة الأميركية والدور الإسرائيلي المشبوه.. وكل ما تستطيع أن تفعله اليوم هو التهديد بعزل روسيا, رغم انفتاح هذه الأخيرة على النيات الطيبة والجهود الخيرة التي تظهرها قوى عالمية بينها أوروبا التي يمكن أن تتأثر بالوضع في القفقاس أكثر من أميركا, إن أسقطنا من الاعتبار سياسة الهيمنة والطغيان الأميركية.. ولا يمكننا إسقاطها. كل ما تستطيع الولايات المتحدة أن تفعله اليوم لمواجهة الموقف الروسي الذي فرض إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل التحرك الجورجي ضد أوسيتيا الجنوبية هو أن تهدد روسيا بالعزلة! هذا السلاح الذي كثيراً ما استخدمته الولايات المتحدة وسعت لاستخدامه.. وهددت به.. عزل روسيا... عزل الصين .. عزل إيران.. عزل سورية.. الخ.. الذي بدأ يشهد تآكله لابد أن يشهد نهايته.. فإن تصورنا أن أميركا تستطيع فرض العزلة على هذا العالم كله, ألا يعني ذلك انعزالها هي?.. فهذه الدول تزيد على نصف العالم! ومن يدري لعل الولايات المتحدة تفكر يوماً بعزل أوروبا.. ولها في مواجهة السياسة الفرنسية ما يمكن أن يشير إلى ذلك. على كل حال.. مع روسيا سيكون الأمر مختلفاً جداً, رغم العلاقات التي تربط البلدين.. والأهم من ذلك أن رعونة السياسة الأميركية وعنجهيتها في ظل إدارة المحافظين الجدد تقدم(دون أن تدري) للعالم فرص الخروج من سياسة القطب الواحد. في مواجهة القطب الأميركي المهيمن على العالم, ليس بالضرورة أن يكون القطب الآخر روسيا أو الصين.. أو غيرهما.... بل يمكن أن يكون الموقف الدولي.. موقف السلام والعدالة الدوليين ومصالح البشرية.. ويبدو في هذا الإطار التخيلي ثمة ما يجب أن ننتظره من أوروبا.
|
|