لقد قدمت روسيا عرضاً قوياً وربما صادماً ازاء الاحداث في القوقاز اذ حطمت قواتها القوات الجورجية التي دخلت اقليم اوسيتيا, و فرضت واقعاً جديداً لا يمكن لأحد تجاهله بعد الآن . كما كان رد روسيا قويا أيضا ازاء اتفاق نشر منظومة الدرع الصاروخي في بولندا لدرجة أنها هددت باللجوء الى السلاح النووي وباعادة توجيه منظومتها الصاروخية العابرة للقارات باتجاه الدول التي تقبل المشاركة في الخطة الاميركية .
روسيا اليوم , لا تشبه روسيا عام 1991 التي تركها بوريس يلتسين ضعيفة ومتآكلة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا في حين عمدت واشنطن الى محاولة تطويقها واشغالها بمزيد من الدول المعادية على حدودها ,والتي كانت حتى الامس القريب جزءاً من الاتحاد السوفييتي السابق .
لقد عملت قيادة الرئيس فلاديمير بوتين على اعادة انتاج روسيا جديدة بدأت تأخذ مكانتها على الصعيد الدولي, وساعدها في ذلك طفرة النفط والغاز التي وفرت لروسيا أموالا طائلة مكنتها من اعادة بناء نفسها عسكريا واقتصاديا, الى أن جاءت اللحظة المواتية لترجمة ذلك سياسيا ايضا .
ورغم أن الولايات المتحدة لا تزال ترفض رؤية الحقائق الجديدة وتصر على التعامل مع روسيا كشريك أصغر في الساحة الدولية, الا أن التطورات الاخيرة لا بد أن تترك أثرها في تعديل هذه الرؤية, وصولا الى تعددية قطبية جديدة , بعد أن عانى العالم ويلات الاحادية القطبية والتي كانت جريمة غزو العراق أكثر تجلياتها بشاعة .