اليوم , ومع سعي كل من روسيا والصين واجتهادهما في استعادة حقوقهما كقوى عظمى ومؤثرة في العالم من قبضة الفك الأميركي المفترس , ومع تراجع قوة البطش الأميركي الناعمة والقاسية على حد سواء , يبدو أن ثمة عالما جديدا يوشك أن يولد , وأن منظومة جديدة من المعادلات والتوازنات الدولية توشك أن تحل , وبالتالي , ثمة اصطفافات جديدة تنتظم فيها دول هذا العالم , فدول كثيرة تترقب الخلاص من السطوة الأميركية السياسية أو الاقتصادية , وأخرى تنتظر الانعتاق من الأسر الأميركي لها وتحديث خياراتها الخاصة بما تراه مناسبا لها وليس للأميركيين .
وحتى تبدأ تراجم هذه المواقف والتطلعات بالحلول على أرض الواقع , وإلى أن تطمئن هذه الدول والمجتمعات وغيرها إلى نتائج ما يمكن أن تقدم عليه من محاولات التحرر من الأميركي والتمرد على سطوته , فإنها تحتاج ظهيرا صلبا وقادرا على صون استقلالاتها , وعلى الوقوف في وجه المنتقم الأميركي وضبط شراسته ونزوعه إلى الانتقام . وبالتأكيد , فإن روسيا والصين بوصفهما مرشحتين كظهيرين قادرين على توفير الحماية للدول الثائرة أولا , وعلى ردع المنتقم الأميركي وترويضه ثانيا, تدركان جيدا أهمية تكريس مصداقيتهما في هذا المجال, وأهمية أن تكونا البديل المقارب والمنافس المقتدر لأميركا ثانيا , وتدركان بالتالي , خطورة سقوط مثل هذه المصداقية وانهيار ثقة تلك الدول بهما .
نعجب من كل غبي يجاور سورية ويشارك في تفعيل معاناتها وإسالة دماء أبنائها بالتمويل والتحريض والتضليل وغيره , عربيا كان أو إقليميا أو دوليا , أن يواصل أوهامه في المراهنة على الوقفتين الروسية والصينية إلى جانب شعبها , وأن يواصل التمنطق بمنطق السمسار والتاجر في شراء الذمم والضمائر والمواقف ... فمن هذه المواقف ما عاد غير قابل أبدا لدخول بازاراتهم الرخيصة !