وغيرها من مناطق التدخل الأميركي العسكري والسياسي , وليس جديدا أن تبيع أميركا وتشتري في قيم الحرية والديمقراطية حول العالم وحتى داخل حدودها إن لزم الأمر كما في « المكارثية « .. ثم لا تتردد في رفع ألوية هذه القيم وادعاء النضال والتضحية من أجلها في الوقت ذاته الذي تدوسها فيه تحت أقدام جحافل جيوشها ومشاة بحريتها !
وليس مفاجئاً أيضاً أن تحذو أوروبا حذو أميركا فهي تفعل ذلك منذ نصف قرن وأكثر , ترفع ما ترفعه أميركا من ألوية وعناوين , وترتكب تحتها كل ذمم الأرض قتلاً ونهباً بحجة التحالف الليبرالي الذي تقيمه معها , وبحجة الناتو الذي تشاركها إياه بما هو من مشاريع تسلط وهيمنة واعتداء , كلاهما ابتدع التطرف الممتد من تنظيم القاعدة وفكرها إلى إسرائيل وصهيونيتها , وكلاهما يدعي الحرب على التطرف كلاماً ويغذيه فعلاً , بل يستضيفه ويربيه بين ظهرانيه , وما يجري في سورية نموذج إن وجد من تعظه النماذج .
المفاجيء الحقيقي أن يؤخذ المغدور أكثر من مرة على يد الغادر ولا يتعلم ولا يتعظ , وأن يستلب المرء عشرات المرات بالخطاب ذاته ولو كان جاهلاً .. ثم لا يتردد في الإصغاء والتنفيذ من جديد كما الدابة المركوبة فاقدة الإرادة , وإذا كان هذا حال الكثير من المعارضات العربية اليوم أمام أميركا وأوروبا ومشاريعهما الاستعمارية ... بالولاء أو بالعمالة أو بأداء الأدوار وتقاسمها .. فلماذا يكون هو ذاته حال شرائح واسعة من جماهير العرب الصامتة صمت القبور, والذاهلة أمام مشاهد ما يجري لو لم يكن الجهل بكل أنواعه .. وخاصة منه الجهل بتجارب التاريخ ومواعظه سائداً بينها, ولو لم تكن غريزة القطيع هي الحاكمة الآمرة المسيرة في غياب المعرفة والانتماء, وإلا فلماذا تكون هذه الشعوب بعد ما توهمته ثورة أتعس حلاً وأذل نفساً مما كانت عليه قبلها ؟؟