| صاحبي... لا تخجل إنه بطن السراب ! لبنان وبعد فوات الأوان نكتشف أننا كنا غابة من عيدان الثقاب. يشتعل كل شيء فجأة, ينطفىء كل شيء فجأة: إذا كان للبرق أن يرتدي ثياب الحداد... هذه أيدينا تعود إلى مكانها. أكانت حقاً على قاب قوسين أو أدنى من الله, أم على قاب قوسين أو أدنى من التاريخ. مخلوقات مجنحة وتلعب في كل ذلك الخيال? أي حلم ذاك الذي يحتاج الآن, وغداً, إلى عملية قيصرية. يا صاحبي: لا تخجل إنه... بطن السراب. ذات يوم, ذات طفولة, من المحيط إلى الخليج. كنا على قياس خيالنا. نسأل شهرزاد عن ليلة اللؤلؤ, ويعبث السندباد بأشيائنا الصغيرة. عودوا إلى دفاتركم وتذكروا. ذات شاربين كانا يصلان إلى آخر الدهر: ياامرأ القيس هل من مكان لقدمين أخريين, قرب قدميك, لنضيف زمناً إلى زمن الدموع?.. أجل, أجل, أمكنة كثيرة, وأزمنة كثيرة, لدموع الدرجة الثالثة. غريب أن بطون أمهاتنا لم تتوقف حتى الآن عن العمل! ألق التحية على الأطلال, وإياك أن تمشي. أطلال تعقد قرانها على الأطلال. ذاك غبار وينبعث من حوافر الخيل. أخيراً, عثرنا على القماش الذي نصنع منه عباءة للعرب...عباءة الغبار, لا أحد يستخدم يديه لوقف الخيول (خيول عجيبة), ذات شاربين يذهبان بخطا حثيثة إلى القاع: يا رجل, هل تقول إن عظام سيف بن ذي يزن, وعنترة بن شداد, وعقبة بن نافع لم تعد صالحة للاستعمال? عظامنا التي تستعمل, عادة, مقاعد للقياصرة, ها هي تستعمل اليوم, وعلى قرع الطبول تلك, لتفكيك اللاءات السورية, ألم تكن لاءات العرب ذات يوم? عظامنا.. بل قل عيون اطفالنا, أمة تخون أطفالها, تبيعهم في سوق النخاسة, هذا قربان جميل لمولانا -وهو غير الله- الذي يهبنا نعمة الحياة, الأحرى نعمة التمتع بالحياة, حاولوا أن تغطوا الأنين بالقش, البقاء للأبقى. جنازة تمضي,وتمضي, إلى أين? ثم جلس عامل التنظيفات -القرفصاء- منهكاً داخل الذاكرة, اعلموا أن برنارد لويس يصفنا, أو كاد بالحثالة الحضارية, إذاً, لماذا لا يقول بالفم الملآن: إننا نبيدكم..? ماذا يتبقى لنا إذا ما تم تفريغنا, وكما يحدث الآن, من كل محتوياتنا: الضمير, الموقف, الصرخة, المال, النفط, الموت وقوفاً: موتوا وأنتم تزحفون, ودعوا الأشجار تطأطىء رأسها, لا وقت للأشجار, ولا للموت وقوفاً مثل الأشجار. ألا نعامل هكذا (ومن يصرخ?) طحالب بشرية تقطع الطريق على العصر?.. اجتثاثنا يحدث بالمناجل, وبقاذفات القنابل, غريب.. على الأقل اصرخوا, غابة من عيدان الثقاب?.. بل غابة من الأفواه المقفلة بالشمع الأحمر! كاتب وصحفي لبناني
|
|