والصلاحيات الواسعة التي تتمتع بها هذه اللجنة لجهة التحقيقات والاستعانة بالخبرات العربية والأجنبية, دليل صريح على المساعي السورية لكشف الحقيقة في أسرع وقت ممكن.
الذي يجب التنويه إليه في عمل اللجنة هو ضرورة التمحيص الجيد في مصادر المعلومات التي تضمنها تقريرالقاضي ديتليف ميليس وعدم الاكتفاء بالاستماع الى الشهود السوريين في القضية وهذ يتطلب تعاونا مع القضاء اللبناني الذي لا نشك بسعيه هو الآخر لجلاء الحقيقة.
وكذلك يتطلب الأمر التعاون مع لجنة التحقيق الدولية بما يكفل جلاء الأمور الغامضة التي تضمنها التقرير كي تستطيع اللجنة الإلمام بجميع جوانب المعلومات والمعطيات حول الشهود والمتهمين والأدلة بما فيها الاتصالات الهاتفية المفترضة قبل وقوع الجريمة وبعدها.
ومع إبداء سورية الحرص على استمرار التعاون مع لجنة التحقيق الدولية أمام مجلس الأمن يتوجب على الطرف الآخر أيضا التعاون مع اللجنة القضائية السورية ولاسيما أن هناك الكثير من المعلومات والشهادات التي تضمنها التقرير الدولي تحتاج الى استيضاح جميع الأطراف وعدم الاكتفاء بشهادة طرف دون آخر كما ورد في تقرير ميليس, وخاصة أن مصدراً قضائياً لبنانياً أشار الى خطأ ما جاء في تقرير ميليس لجهة اتصال المتهم محمود عبد العال مع رئيس الجمهورية العماد اميل لحود حيث كشفت نتائج التدقيق في لوائح الخلوي عدم وجود أي اتصال بين العال والعماد لحود, إضافة الى (الشاهد الملك الذي تحول الى المتهم الملك), الأمرالذي يستدعي مراجعة شاملة ودقيقة ومهنية لجميع ما تضمنه التقرير الدولي سعيا وراء الحقيقة وتفويت الفرصة على الذين يحاولون استغلال الجريمة على المستوى الداخلي والإقليمي.
فما جاء في التقرير الدولي لجهة أن المتهمين يظلون أبرياء حتى تثبت إدانتهم بالأدلة والوقائع, ترتب على السيد ميليس إبداء التعاون مع اللجنة القضائية السورية وتزويدها بالمعلومات المتوفرة لدى لجنته أيا كان مصدرها فذلك يوفر الكثير من الوقت ويجنب الوقوع في متاهات تسييس القضية وكذلك يزيل الشكوك حول مهنية التحقيقات الدولية التي برزت بعد صدور التقرير.
إن التعاون السوري مع لجنة التحقيق الدولية يجب أن يكون علنيا بالاتفاق بين الجانبين وخاصة أن سرية التحقيقات اخترقت بشكل فظيع في الفترة السابقة, فالتعاون المعلن يفرض على ميليس أن يحدد بشكل علني مطالبه وأيضا أن يعلن عن جدوى التعاون, فالانتباه الى هذا الأمر لا يترك لميليس وغيره جعل مسألة التعاون أو عدمه قميص عثمان لتحقيق مصالحه على حساب لبنان وسورية.
فالتحقيق باغتيال الحريري دخل مرحلة حاسمة بعد صدور القرار 1636 عن مجلس الأمن ولابد من التعاطي مع هذا الموضوع من جميع الجوانب وخاصة الخطيرة منها.