تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سقى الله...

من داخل الهامش
الأثنين 6-8-2012
ديب علي حسن

قفا نبك.. من ذكرى حبيب ومنزل...رائعة امرئ القيس الملك الضليل الذي بكى واستبكى واستنّ الوقوف على الأطلال...وماالأطلال.. ؟! أهي حجارة ورمال لاتخزن الذكريات والآمال والآلام..؟!

الأطلال تجسيد أولي لذاكرة المكان فأنت لاتشتاق لأكوام حجارة وتراب فقط.. بل هي معنى عشته وألفته ومن هنا يرتبط المكان بالحنين إليه، بالشوق إلى استعادته في الإبداع يبدو المكان جلياً واضحاً شاء المبدع أم أبى فثمة أماكن لايمكن أن يهجرها أن يغادرها لايقوى على فعل ذلك، حتى لوهجرها جسداً لكنها تبقى راسخة في الضمير متجسدة في إبداعه.‏

من منا لايتذكر مسقط طفولته وملاعب الصبا وأماكن اللهو ومقاعد الدراسة..؟! إذا كنا نحن الذين لانعمل في الإبداع نشعل هذه الأماكن ذكريات فكيف بالمبدعين؟ نزار قباني ودمشق المهاجرة في دمه المبحرة في عروقه.. دمشق الماء والياسمين والكرامة والأهل والطفولة أنسنها حتى صارت امرأة ولاأي امرأة إنها أروع نساء الأرض.‏

نجيب محفوظ وزقاق المدق حيث يغدو المكان بطلاً للرواية و في رحلة عطائه يجعل حواري القاهرة وشوارعها أماكن مسافرة مع أشرعة الحلم حتى غدا الأمر جغرافيا الأبطال الروائيين فكم من سائح قصد خان الخليلي وزقاق المدق ومقهى الفيشاوي لأن سحر المكان استنشقه من إبداع محفوظ وإذا كانت الأجزاء ليست هي الكل فهذا لايعني أن سحر المكان الكلي بعيد أبداً..حلب مدينة سيف الدولة الحمداني وملاعب الصبا.. هي أجمل وأروع مكان كان يشتاقه أبو فراس الحمداني والمتنبي...وعمر أبو ريشة..ولؤي كيالي ووليد إخلاصي..‏

والمكان كحالة جغرافية محايد لامعنى له إلا إذا كان مفعماً بالحياة، شاهد عليها على مافيها فالمرء الذي يعلن نوافير حنينه إلى مكان ما.. بالتأكيد يفعل ذلك إلى كل لحظة عاشها فيه.. إلى أحداث ووقائع لاإلى جماد...‏

وإننا حين نستحضر المكان كإشارات سريعة في أعمال مبدعينا فإننا لاننسى أن نقول إنها إشارات سريعة وندعو إلى قراءة البحر مكاناً رائعاً في أدب حنا مينة، والغوطتين شوقاً وحنيناً عند بدوي الجبل وبردى عند شوقي والأخطل ودمشق وبهاؤها عند سعيد عقل...‏

إنه المكان نعده مدناً، قرى، عواصم، فهندسة بناء وشوارع ليعود ويهندس حياتنا من جديد لأن حجارته وترابه وكل مافيه تأنسنا وصار جزءاً منا وصرنا جزءاً منه.. ومن هنا كانت صرخة أبي نواس في مهب الريح حين قال: عاج الشقي على رسم يسائله وعجت اسأل عن خمارة البلد...؟!‏

ويبقى بيت البدوي يصدح: سقى الله عند اللاذقية شاطئاً...‏

as.abboud@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 ديب علي حسن
ديب علي حسن

القراءات: 753
القراءات: 758
القراءات: 784
القراءات: 673
القراءات: 689
القراءات: 773
القراءات: 841
القراءات: 781
القراءات: 654
القراءات: 855
القراءات: 756
القراءات: 732
القراءات: 721
القراءات: 740
القراءات: 723
القراءات: 674
القراءات: 836
القراءات: 695
القراءات: 768
القراءات: 743
القراءات: 811
القراءات: 777
القراءات: 802
القراءات: 721
القراءات: 768

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية