تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الاقتصادي والطبيب!!

منطقة حرة
الإثنين 6-8-2012
د: حيان أحمد سلمان

يباشر الطبيب عمله بعد أداء قسمه الطبي والذي يتجسد في أن يكون مخلصا لعمله الطبي ومساعدا لمرضاه بإيجاد الدواء المناسب لأمراضهم وتماثلهم للشفاء العاجل، ومهمة الطبيب تتقاطع مع مهمة الاقتصادي إلى حد ما وخاصة في أوقات الأزمات.

لكنّ الاقتصادي يعالج مشكلة مجتمع بأكمله من دون أن يقسم يمينا محددا، ومن جهة أخرى فإن للاقتصاديين هفواتهم كما للأطباء أخطاؤهم، فتصور عالماً اقتصادياً كبيراً بحجم (جون ماينارد كينز) قال مرة ودون ذلك في كتابه (إذا ماملأت وزارة الخزانة الزجاجات القديمة بأوراق البنكنوت ودفنتها في مناجم فحم مهجورة، وتركتها للمؤسسات الخاصة للبحث عنها وإخراجها مرة أخرى, فلن يظهر المزيد من البطالة، وعلى الأرجح سيتزايد الدخل الحقيقي لأفراد المجتمع بشكل كبير عما هو عليه بالفعل)، وهذا ينسجم مع ماروى عنه في ثلاثينات القرن الماضي بقوله أن الحل لمشكلة الكساد الذي تعاني منه أوروبا في ثلاثينات القرن الماضي هو اعتماد مبدأ (دع العمال يحفرون الآبار ثم يهدمونها)، وفي هذا إشارة إلى زيادة الإنفاق وبالتالي الدخل مما يؤثر على زيادة الاستهلاك ويحرك قوى الإنتاج المعطلة ويفعل المواقع الإنتاجية وبالتالي تتحرك الدورة الاقتصادية ويقل معدل البطالة....الخ.‏

فهل هذه طريقة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي لمواجهة كل الانحرافات التي يواجهها الاقتصاد الوطني، ومن أهمها الابتعاد عن التوظيف الكامل والتشغيل الأمثل والتضخم المرتفع والركود الاقتصادي...الخ، وللوصول إلى معدل بطالة منخفض وزيادة في الإنتاجية والدخل الحقيقي والمحافظة على دين حكومي منخفض وتقليل عجز الموازنة ..الخ، وكما يستخدم الطبيب مبضعه وأدواته فإن الاقتصادي يستخدم السياسة النقدية والمالية وغيرهما، فمثلا في حالة الركود الاقتصادي يكون المطلوب إعطاء جرعات لتقوية نبض الاقتصاد وزيادة الإنتاج وبالتالي زيادة الطلب الإجمالي من خلال زيادة النمو النقدي من خلال التحكم بآلية فرض الضرائب وتحديد شرائحها ومعدلاتها أو الإنفاق الحكومي أوالاثنين معا، وهما يؤديان إلى زيادة الشراء والتسوق من السلع والخدمات وبالتالي تنشيط الدورة الاقتصادية من الإنتاج والتوزيع والاستهلاك وتقديم خدمات مابعد التسويق،وهذا دعت إليه السياسة الاقتصادية الكينزية (نسبة إلى الاقتصادي جون ماينارد كينز) وهنا يكون الدور الأساسي للسياسة المالية ولكن بشرط أن نبتعد عن (العلاج بالصدمة).‏

وتجدر الإشارة هنا إلى أن تلمس النتائج المباشرة للتغيرات المترتبة على السياسة المالية هي أسرع منها في السياسة النقدية، حيث إن السياسة النقدية تمارس تأثيرها بشكل غير مباشر على الإنفاق والناتج المحلي الإجمالي GDP من خلال أدواتها الأساسية المؤثرة على الإنفاق العام والخاص من خلال معدل التضخم وارتفاع الأسعار وسياسة الائتمان وسعر الصرف ومعدل الفائدة وهل تستهدف التضييق أم التوسع النقدي، وهذه تتطلب إحكام التوازن في كل إجراء لذلك يشبهها البعض بمن (يسير على حبل مشدود)، وهنا يكون الدور المهم والحيوي لخبراء الاقتصاد وخاصة مجلس النقد والتسليف في البنك المركزي السوري، ونظرا لأهمية هاتين السياستين فإن السياسة الاقتصادية يجب أن تسعى لتحقيق المزج الأمثل بينهما، بحيث يؤدي إلى خلق الطلب الفعال وتوجيه الإنتاج نحوه وتفعيل السياسة الاستثمارية وتحويل المدخرات الوطنية إلى قنوات استثمارية مضمونة، وجوهره توزيع الأدوار حسب الحالة الاقتصادية التي يشهدها الاقتصاد الوطني في مرحلة ما وظروف معينة، وبالتالي فإن هذا المزج يجب أن يتغير من مرحلة لأخرى، مثل وصفات علاج التضخم و زيادة الانتاجية و معدل البطالة...الخ), ولكن بشكل أساسي يجب أن تكون هذه الوصفات منسجمة مع بعضها البعض وليست متضاربة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 د.حيان سليمان
د.حيان سليمان

القراءات: 919
القراءات: 1082
القراءات: 884
القراءات: 1149
القراءات: 893
القراءات: 935
القراءات: 1073
القراءات: 960
القراءات: 877
القراءات: 845
القراءات: 807
القراءات: 2183
القراءات: 917
القراءات: 1001
القراءات: 1070
القراءات: 1006
القراءات: 994
القراءات: 1079
القراءات: 2329
القراءات: 992
القراءات: 1431
القراءات: 1100
القراءات: 1130
القراءات: 1104
القراءات: 1114

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية