حينما قرأت الخبر لم أصب بكثير من الذعر على اللغة العربية، التي تعيش في حالة من الاقتتال مع غيرها من اللغات الحية, وتخرج ضادها دائما منتصرة بفضل مناعتها الذاتية وبفضل بعض المدافعين عنها من مؤسسات وأفراد, واربعمئة عام من العثمانية خرجت العربية نقية في حين جمعت التركية أشتاتها من هنا وهناك, لدرجة أن الاتاتوركيين حينما أرادوا تخليص لغتهم من العربية انشؤوا لجنة أسموها «لجنات تصفيات لغات عربية».
المهم، وزارة التربية التونسية أعلنت ان السنة الدراسية القادمة ستشهد تعليم التركية جنباً إلى جنب مع الايطالية والألمانية في المعاهد الرسمية.
الموقف التونسي الرسمي برر قرار إدراج اللغة التركية في برامج التدريس بأنها لغة مهمة كما أن تركيا قوة صاعدة في جنوب أوروبا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط تربطنا بها علاقات تاريخية وثقافية كبيرة, كما ان التعليم العالي مزدهر وبإمكان تلاميذنا أن يطلبوا الالتحاق بالجامعات التركية.
لم يكن الأمر ليستحق الاهتمام لولا أن الأتراك يريدون استنساخ تجربتهم عربيا, ولم يكن الأمر يستحق الالتفاتة لولا أن هذا الإجراء التونسي الرسمي يمنحهم المزيد من الثقة والقوة ليتمددوا أكثر فأكثر في ثنايا الحياة والثقافة العربيتين.