كل ما تقدّم تم، وصارت المعلومات المعنية بالتفاصيل، وبتفاصيل التفاصيل مُعلنة معروفة لم يُنكرها المُتورطون، بل إنّ حمد قطر فضح الكثير منها وأقرَّ بكثير مما لم يكن معلوماً للكثيرين حول العالم، وبالنتيجة سقط المشروع وتكسّرت مساراته، لا لأنه كان ضعيفاً، ولا لأن أحداً من الضالعين فيه انسحب أو اعترض، بل لأن سورية امتلكت من أسباب القوة والدعم من حلفائها ما مكّنها من إقفال مساراته وهزيمته.
في مسارات العدوان العملانية اعتماداً على الإرهاب التكفيري لم تدع واشنطن وأدواتها حُثالة إرهابية ولا فكراً مُتطرفاً قذراً إلا ووظفته. وفي مسارات الحرب النفسية المُرافقة للعدوان لم تترك وسيلة إلا ودفعت بها على امتداد العالم وبكل لغات الأرض لتملأ الفضاء كذباً ونفاقاً. وفي مسارات السياسة لم تُوفر مناسبة أو منبراً إلا واستخدمته.. لكنّ النتيجة التي كنّا نثق بها وتعرفونها ماثلة اليوم وتكشف بذاتها عن أوجه الفشل والعجز والهزيمة.
بات من الثابت أن مشروع العدوان الصهيو أميركي انتهى للفشل، وبالمقابل بات من الثابت أيضاً أن سورية أكدت انتصارها الكبير وتكتب في الأثناء - مع الحلفاء - فصله الأخير في الميدان وبالسياسة.
دحر الدواعش الناجز، ودحر المشتقات الإرهابية الأخرى (النصرة وسواها) كتحصيل حاصل سيقع لا ريب في ذلك، وهو القرار السوري الذي اتُخذ منذ البداية ولا بديل عنه، لعل من لم يفهم حتى الآن يفهم ويدرك ألّا مكان له على الجغرافيا السورية تركياً كان أم أميركياً، فإغلاق مسار العدوان على الأرض خيار وإقفاله قرار.
وإذا كانت المسارات الأخرى - جنيف أنموذجاً - ما زالت موضع رهان معسكر العدوان، فعلى مركز القيادة فيه - واشنطن - أن تعي جيداً بأنه لا حياة للمناورة التي أوحت بها وطلبت من ديميستورا أن يطرحها في مجلس الأمن مؤخراً.
وإذا كانت سعت سابقاً للمشاغبة على مسار أستنة، فعليها أن تعترف بعجزها عن تطويق نتائجه، وإذا ما رغبت بالتشويش على مسار سوتشي، فعليها أن تتلمس إرادة عقده ليكون مُرتكزاً وقاعدة أساسية لحوار فاعل، قبل المحاولة لتُوفر على نفسها أعباء فشل جديد!.
الفشل الأميركي بمسارات العدوان الإرهابية، لن يُنتج سوى فشل آخر بالمسارات الأخرى السياسية والدبلوماسية، وإنّ مسارات الحل العسكري التي هزمت مشروع العدوان على الأرض تُستكمل اليوم في أستنة وسوتشي.